أعلنت القوات المسلحة التشادية إن جنودا تشاديين في مالي قتلوا مختار بلمختار قائد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والعقل المدبر وراء احتجاز دام لرهائن في محطة غاز جزائرية في كانون الثاني / يناير.
وسيوجه مقتل أحد أهم الجهاديين المطلوبين للعدالة في العالم ضربة كبيرة لتنظيم القاعدة في المنطقة وللمتمردين الاسلاميين الذين اجبروا بالفعل على الفرار من بلدات كانوا يسيطرون عليها في شمال مالي بسبب هجوم من قبل القوات الفرنسية والافريقية.
وذكرت القوات المسلحة التشادية في بيان أذيع على التلفزيون التشادي "دمرت القوات المسلحة التشادية العاملة في شمال مالي ظهر السبت الثاني من مارس قاعدة للإرهابيين بالكامل... وتضمنت الحصيلة مقتل عدد من الإرهابيين من بينهم قائدهم مختار بلمختار."
واعلن الرئيس التشادي ادريس ديبي يوم الجمعة ان جنوده قتلوا قائدا اخر من القاعدة هو عبد الحميد ابو زيد من بين 40 متشددا قتلوا في عملية في نفس المنطقة التي شن فيها هجوم يوم السبت وهي جبال ايفوغاس المالية قرب الحدود الجزائرية.
وامتنعت فرنسا التي شنت هجمات جوية ضد مخابيء المتشددين الجبلية عن تأكيد مقتل سواء ابو زيد او بلمختار.
وفي واشنطن قال مسؤول بالادارة الاميركية ان البيت الابيض لا يستطيع تأكيد مقتل بلمختار.
وقال محللون ان قتل اثنين من اهم المطلوبين من زعماء القاعدة في منطقة الصحراء بافريقيا يمثل ضربة قوية للتمرد الاسلامي في مالي.
وقال اندرو ليبوفيتش وهو محلل مقره دكار ويتابع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العربي "كلاهما يملك معرفة واسعة بشمال مالي واجزاء من الساحل الاوسع ولهما صلات اجتماعية وصلات اخرى في شمال مالي ومن المرجح ان يكون لموت كليهما في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة تأثير على عمليات المتشددين."
وقالت ان جيوديسيلي عضو مجلس الادارة المنتدب لشركة تيروريسك للاستشارات الامنية انه اذا تأكد موت قائدي القاعدة فان ذلك سيعطل بشكل مؤقت شبكة المتمردين الاسلاميين ولكنه سيثير ايضا قلقا بشأن مصير سبعة رهائن فرنسيين يعتقد ان اسلاميين يحتجزونهم في شمال مالي.
وتشاد واحدة من عدد من الدول الإفريقية التي ساهمت بقوات في العملية العسكرية التي قادتها فرنسا في مالي بهدف القضاء على المتمردين الإسلاميين في صحرائها الشمالية الشاسعة. وكان المتمردون الإسلاميون سيطروا على المنطقة قبل نحو عام في أعقاب انقلاب في عاصمة مالي.
وتشعر دول غربية وإفريقية بالقلق من أن تنظيم القاعدة قد يستغل المنطقة لشن هجمات وتقوية العلاقات مع جماعات إسلامية إفريقية مثل حركة الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا.
وكان بلمختار (40 عاما) الذي فقد إحدى عينيه أثناء القتال في أفغانستان في التسعينات أعلن المسؤولية عن خطف عشرات الرهائن الأجانب في محطة إن أميناس للغاز في الجزائر في كانون الثاني/ يناير حيث سقط أكثر من 60 قتيلا.
ويضع الهجوم الجزائر من جديد على خريطة حركة الجهاد العالمية بعد 20 عاما من الصراع الدامي الذي اندلع في البلاد بعد أن ألغت السلطات انتخابات أوشك الإسلاميون على الفوز بها. كما أنه صقل أيضا مسوغات اعتماد بلمختار الجهادية بتوضيح أن تنظيم القاعدة ما زال يمثل تهديدا محتملا للأهداف الغربية رغم أن القوات الأميركية قتلت أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في باكستان عام 2011 .
وقبل واقعة إن أميناس كان خبراء استخبارات يقولون إن بلمختار الجزائري المولد ابتعد عن الجهاد واقتصر نشاطه على جرائم الخطف وتهريب السلاح والسجائر في منطقة الصحراء حيث كان يطلق عليه "رجل مارلبورو".
وفي مقابلة نادرة مع وكالة أنباء اماراتية في نهاية عام 2011 أثنى بلمختار على بن لادن وخليفته أيمن الظواهري. وتحدث عن اهتمامات تنظيم القاعدة التقليدية بما في ذلك العراق وأفغانستان ومصير الفلسطينيين وأكد على الحاجة إلى "مهاجمة أهداف غربية ويهودية اقتصادية وعسكرية".
وقال روبرت فاولر الدبلوماسي الكندي السابق الذي احتجزه بلمختار كرهينة من عام 2008 حتى عام 2009 لرويترز "رغم أني اعتبر تقارير مقتل كل من أبو زيد ومختار بلمختار أنباء جيدة... إلا أنه علي أن أسيطر على حماسي إذ أن هذه ليست المرة الأولى التي تشير فيها تقارير إلى مقتل بلمختار."
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند يوم الجمعة إن الهجوم لاستعادة الصحراء الشاسعة في شمال مالي من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ومتمردين إسلاميين آخرين والذي بدأ في 11 كانون الثاني /يناير في مراحله الأخيرة ومن ثم لا يمكنه تأكيد مقتل أبو زيد.
إلا أن مسؤولا أميركيا ودبلوماسيا غربيا قالا إن التقارير عن مقتل أبو زيد تبدو ذات مصداقية.
فيما يلي بعض الحقائق عن بلمختار:
- أعلنت جماعة الملثمين التي يتزعمها بلمختار المسؤولية عن احتجاز رهائن في محطة الغاز في إن أميناس بالجزائر والتي تشترك في ملكيتها بي.بي وشتات أويل وسوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة في يناير كانون الثاني. لقي ما يصل إلى 37 أجنبيا حتفهم بعد أن اقتحمت قوات الأمن المنشأة لإنهاء أزمة الرهائن التي قتل فيها أيضا 29 متشددا.
- وصفت المخابرات الفرنسية بلمختار الجزائري المولد والمرتبط بسلسلة من حوادث خطف الأجانب في شمال افريقيا خلال العقد الأخير بأنه "لا يمكن اعتقاله".
- ولد بلمختار في غرداية بالجزائر عام 1972 وقال في مقابلة نشرت على منتديات جهادية عام 2007 إنه سافر في سن 19 عاما إلى أفغانستان حيث حصل على التدريب والخبرة القتالية قبل العودة إلى الجزائر عام 1992.
- هذا جعله يعمل ضمن الجماعات المتشددة الإسلامية طوال 20 عاما اولا كعضو في الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر خلال الحرب الأهلية التي شهدتها الجزائر ثم شارك في تأسيس الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي جعلت هجماتها على قوات الأمن تمتد إلى دول واقعة على الطرف الشمالي من الصحراء الكبرى.
- بعد ذلك غيرت الجماعة السلفية للدعوة والقتال اسمها إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. وكان بلمختار يقود إحدى كتيبتين في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي في المنطقة الصحراوية بجنوب الجزائر المتاخمة لمالي.
- قضت محكمة جزائرية غيابيا بسجن بلمختار مدى الحياة فيما يتعلق بقتل عشرة من ضباط الجمارك الجزائريين عام 2007.
- اشتهر بلمختار بين سكان الصحراء الكبرى كما تقول وسائل إعلام فرنسية بلقب "رجل المارلبورو" لانخراطه إلى جانب الجهاد في أنشطة تهريب الأسلحة والسجائر.
- ساعدت أنشطته على ايجاد رابطة قوية بينه وبين مقاتلي الطوارق في الصحراء منهم من هم موجودون في شمال مالي الذين قام مقاتلوهم بدور رئيسي في الهجوم الذي شنه متمردون في العام الماضي ليسيطروا على شمال مالي. ويقال إنه تزوج من نساء محليات من العرب والطوارق.