يبحث خبراء عن طبيعة الرد الايراني المحتمل على تصفية الادارة الاميركية لقائد مليشيا فيلق القدس المدرج على قوائم الارهاب قاسم سليماني يوم الجمعة، واضعة في عين الاعتبار الحصار المفروض على طهران والعقوبات على قادة النظام الايراني
رد باهت
وخلافا للمتداول من “رد إيراني سريع”، فإن الاحتمال الأكثر ترجيحا هو أن إيران لن تلجأ على الأرجح لرد فعل سريع، وأنها قد تعمد إلى دفع خصومها إلى إطالة تأهبهم العسكري والاستخباري، وهو وضع مضني ومكلف من الناحية العسكرية، وأن طهران سترصد خلال هذه الفترة أي “أهداف سانحة” يمكن ضربها كرد على مقتل سليماني، فيما لا تستبعد أوساط المعارضة الإيرانية أن تعمد طهران للرد ب”ضربات نفطية” في مياه الخليج العربي، واستهداف بوارج أميركية أو قطع عسكرية في البحر الأبيض المتوسط عبر وكلاء إقليميين مرتبطين بإيران.
كما يمكنها استهداف القواعد المتعددة التي ينتشر فيها الجيش الأمريكي في العراق أو في سوريا أو السفارات الأمريكية الأخرى في المنطقة، إضافة إلى مهاجمة حلفاء واشنطن مثل إسرائيل أو السعودية أو حتى الدول الأوروبية.
عقوبات تكبل طهران
ووفق الأوساط فإن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، والتي دفعت عشرات آلاف الإيرانيين للتظاهر في شهر ديسمبر الماضي، باتت عمليا تُقيّد الأذرع الإيرانية في منطقة الخليج العربي، وأن هذه الأذرع التي خفضت إيران مبالغ التمويل الشهرية لها بسبب العقوبات قد لا تكون قادرة على تنفيذ عمليات بإتقان استخباري وعسكري كما كان في السابق حينما كانت طهران تنفق على هذه الأذرع العسكرية مبالغ طائلة.
اسلوب جديد
وتفتح الغارة الأمريكية غير المسبوقة التي أدت إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني الجمعة الباب على العديد من السيناريوهات في مواجهة التوتر المتصاعد بين واشنطن وطهران، لا سيما بعد أن لجأت الولايات المتحدة إلى أسلوب جديد غير مألوف باستهداف قائد عسكري أجنبي لبلد عدو لها.
وتصاعد التوتر مؤخرا بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية الاحتجاجات في العراق، حيث قتل متعاقد أمريكي الأسبوع الماضي في هجوم صاروخي تعرضت له قاعدة في كركوك ونسب إلى فصيل موال لإيران، وأعقب ذلك بعدة أيام الهجوم الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في بغداد على يد محتجين موالين لإيران.
متى الرد؟
وتعتبر كيم غطاس من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أنه من الصعب توقع تطورات المشهد. وتتساءل "حرب؟ فوضى؟ أعمال انتقامية محدودة؟ لا شيء؟ لا أحد يعرف حقيقة، لا في المنطقة ولا في واشنطن، لأنّ ما حدث غير مسبوق".
وقد ينجم عن تصاعد نفوذ الأطراف الموالية لإيران تداعيات دبلوماسية طويلة الأمد بالنسبة إلى بغداد.
وتقول الخبيرة في شؤون الخليج سنام فاكيل من معهد "تشاتام هاوس" البريطاني "إنها اللحظة التي كان يخشاها المحللون ويحذرون منها، وهي دعوة حلفاء إيران للتحرك لدعمها".
وتضيف أنّ هذه التحالفات التي بقيت منفصلة قد تعمل معا بطريقة عابرة للحدود.
وتتابع "هل ستكون هناك عملية عسكرية منسقة بين الحوثيين وحزب الله والحشد وإيران؟ هذا هو السيناريو الأكثر قتامة"، مشيرة إلى أن جبهة العراق تبدو الأكثر هشاشة في هذا المجال.
بالنسبة إلى عزيز الغشيان المتخصّص في العلاقات الدولية في الشرق الأوسط، فإن اغتيال سليماني سيدفع الإيرانيين للعمل على الترويج بشكل أكبر لصورة "الشيطان الأكبر" للولايات المتحدة، ولكن ربما سيؤدي ذلك أيضا "إلى الحد من تصرفاتهم" العدائية.
ويرى أن الاحتمال الأكبر هو أن تتجنّب إيران استهداف الموظفين الأمريكيين، لكنها قد تلجأ "لأهداف سعودية أو إماراتية، وإن بطريقة رمزية، للادعاء بأنها ترد على الولايات المتحدة".
تعزيزات أمريكية
من جانبها، أرسلت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة أكثر من 14 ألف عسكري في سياق تعزيز الحضور الإقليمي، كما أعلنت إرسال نحو 750 إضافيين عقب الهجوم على السفارة في بغداد الثلاثاء.
وقال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر الخميس إن فوجا من نحو 4 آلاف عنصر تلقى الأوامر بالاستعداد إذ يمكن نشره في الأيام المقبلة. وأكدت وزارة الدفاع نشر 3 آلاف إلى 3500 جندي إضافي في الشرق الأوسط.
وفي مقابل سيناريوهات التصعيد بين واشنطن وطهران علق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بالقول إن "العالم لا يمكنه تحمل حرب جديدة في الخليج".
وتنشر الولايات المتحدة 5,200 عنصر حاليا في العراق، تكمن مهمتهم الرسمية في "مساندة وتدريب" الجيش العراقي ولمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" من الظهور مجددا. ويرتفع العدد في مجمل الشرق الأوسط إلى 60 ألفا.