ليبيا: قضية مقتل عبدالفتاح يونس الغامضة قد تطال مسؤوليين

تاريخ النشر: 05 ديسمبر 2012 - 06:08 GMT
عبدالفتاح يونس/ارشيف
عبدالفتاح يونس/ارشيف

قال متحدث باسم المؤتمر الوطني الليبي الثلاثاء إن الهيئة العليا للنزاهة والوطنية برأت عاشور شوايل المرشح لمنصب وزير الداخلية في الحكومة الجديدة من الاشتباه بأنه كان على علاقة وثيقة بنظام معمر القذافي.

وكان شوايل بين ثمانية من 27 وزيرا رشحهم رئيس الوزراء علي زيدان احيلوا إلى الهيئة العليا للنزاهة والوطنية التي تبحث خلفيات المسؤولين العموميين بعد احتجاجات أمام مقر المؤتمر على تشكيل الحكومة.

ولم يحضر الوزراء الثمانية مراسم أداء اليمين القانونية يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر بعد أن استفسر بعض اعضاء المؤتمر عن مؤهلاتهم وتساءلوا عن مدى قربهم من نظام القذافي.

وكانت الهيئة العليا للنزاهة والوطنية المشكلة من خبراء قانونيين عينهم المجلس الوطني الانتقالي السابق قالت الاسبوع الماضي إنها برأت ساحة مرشحي زيدان لوزارات الخارجية والزراعة والشؤون الاجتماعية.

ودعي آخرون رفضت الهيئة ترشيحهم مثل شوايل الى تقديم طعون. وأفاد عمر حميدان المتحدث باسم المؤتمر اليوم الثلاثاء بأن شوايل الذي كان قائدا للشرطة في مدينة بنغازي بشرق البلاد العام الماضي برئ عند نظر الطعن.

وقال حميدان للصحفيين ان بامكان شوايل الان تولي منصبه وان المؤتمر ينتظر أداءه لليمين.

واشارت تقارير إلى أن شوايل اثبت انه انضم الى الانتفاضة ضد القذافي بعد وقت قصير من بدايتها في شباط/ فبراير 2011.

وسيكون عليه كوزير للداخلية أن ينهض بمهمة تحسين الامن في بلد يعج بالاسلحة. وتعرض الوزير السابق فوزي عبد العال لانتقادت شديدة لفشله في دمج المقاتلين السابقين في قوة الشرطة الرسمية.

قضية مقتل عبدالفتاح يونس قد تطال مسؤوليين

من ناحية اخرى، بعد 18 شهرا من مقتل قائد الجيش الليبي السابق عبد الفتاح يونس في ظروف غامضة، يواجه القضاء صعوبة في كشف هذه المسألة السياسية القضائية الشائكة التي قد تطال قادة سابقون في الثورة.

واللواء عبد الفتاح يونس كان آخر وزير للداخلية في عهد العقيد الراحل معمر القذافي واعلى العسكريين رتبة ومرتبة ينضم الى الثورة السابع عشر من شباط/ فبراير.

وقد تولى مهمة رئاسة الأركان ثم قتل في تموز/ يوليو 2011 في ظروف غامضة بعد أن تم استدعاؤه من الجبهة للتحقيق معه.

ولا تزال قبيلة العبيدي التي ينتمي اليها يونس تطالب بكشف ملابسات الحادثة المعروضة أمام القضاء منذ أكثر من سنة على مقتله على يد "جماعة متطرفة" بحسب ما تردد آنذاك. لكن الارباك ناجم على ما يبدو عن وجود مسؤولين في فترة الثورة على قائمة الاتهام.

وتتهم قبيلة العبيدات رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق مصطفى عبدالجليل ونائب رئيس المكتب التنفيذي السابق علي العيساوي ومسؤول ملف الاوقاف وشؤون الزكاة بالمكتب التنفيذي السابق سالم الشيخي والقاضي جمعة بوجازية الذي اغتيل في مدينة بنغازي في حزيران/ يونيو الماضي.

ويؤكد المعتصم نجل عبد الفتاح يونس لفرانس برس ان "عائلته ماضية في كشف ملابسات القضية وان كلفها الامر اخذ حقها بيدها في حال ما تجاهلت السلطات الجديدة الأمر وماطلته"، مشيرا الى انه لا يخفي "اتهامهم للمجلس الوطني الانتقالي والمكتب التنفيذي بتدبير بعض اعضائه لعملية الاغتيال".

وقال ان العائلة "تعتصم منذ الاربعاء 22 تشرين الثاني/ نوفمبر داخل ميناء الحريقة في مدينة طبرق لمطالبة الحكومة باظهار حقيقة القضية".

وتابع "في المرحلة المقبلة سيقومون باقفال المصفاة ويطلبون من رئيسها عدم التعامل مع اي شحنات لحين تلبية الحكومة لمطالبهم".

وبعيد مقتل يونس نصبت خيمة أمام فندق تيبستي وسط مدينة بنغازي حتى الوقت الحالي وخصصت لاعتصام قبيلة العبيدات المطالبين بمعرفة ملابسات القضية خاصة وأن يونس قتل مع اثنين من مرافقيه من ابناء القبيلة نفسها.

وفي تطور لافت لاحداث القضية اصدرت المحكمة العسكرية في مدينة بنغازي في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر أمرا باحالة مصطفى عبد الجليل الى النيابة العسكرية للتحقيق معه.

وأبدى عبد الجليل استعداده للمثول امام النيابة العسكرية للادلاء باقواله فيما يتعلق بقضية مقتل عبد الفتاح يونس، وذلك وفقا لما اعلن المدعي العام العسكري لمناطق شرق ليبيا يوسف الأصيفر.

وقال الاصيفر لفرانس برس انه "تم إخطار مصطفى عبدالجليل بطلب القضاء العسكري التحقيق معه" في القضية، مؤكدا انه "ابدى استعداده للامتثال امام النيابة العسكرية للادلاء باقواله فيما يتعلق بهذه القضية".

ومصطفى عبدالجليل كان آخر وزير للعدل في نظام القذافي، وذلك قبل أن ينشق عنه في الثورة ويتولى قيادة المرحلة التي اطاحت بنظام القذافي.

وقال الاصيفر ان عبد الجليل "سيمتثل امام النيابة العسكرية قريبا حالما نرتب امور القضاء العسكري ونطهره من اركان النظام السابق (...) كان ينوي السفر للخارج لكنه اجل ذلك الى حين الادلاء بأقواله".

وفي السياق ذاته، صرح يوسف عقيلة احد محامي الدفاع لعائلة يونس ان "وضعية مصطفى عبد الجليل ستتحدد فيما ان كان شاهدا او متهما بعد الادلاء بأقواله والتحقيق معه أمام النيابة العسكرية".

واضاف "ستتحد وضعيته بعد التحقيق. فهو المسؤول عن المرحلة السابقة وان تم اتهامه فسيجد نفسه أمام احد اتهامين هما اساءة استعمال السلطة بما سبب الضرر للآخرين أو التحريض على القتل ما أدى اليه".

واشار الى انه لا يمكن اثبات الاتهام الثاني الا بعد استكمال التحقيقات مع مختلف المتهمين المطلوبين للعدالة.

وكانت الجلسة القضائية تأجلت الى 20 شباط/ فبراير 2013 لانه يتوجب على المدعي العام التحقيق مع عدد من الذين يشتبه تورطهم في مقتل يونس، بحسب المحكمة.

وكان عدد من منظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية في ليبيا وصف التحقيق السابق في القضية بانه "لم يكن شفافا وتم في ظروف صعبة"، مؤكدا انه "لم يتم اجلاء الحقائق للشعب الليبي"، كما ورد في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه.

ورأت هذه المنظمات والاحزاب ان هناك ضرورة لتشكيل "لجنة للتحقيق" في هذه الجريمة.

واكدت "رفضها بشدة اللجوء إلى القضاء العسكري"، معتبرة أن "القضاء الطبيعي لهذه القضية هو القضاء المدني"، مشددة على ان "هذا ما تؤكد عليه عائلة الفقيد اذ انهم يرغبون في معاقبة الجناة وليس غيرهم".

وشددت في بيانها الذي قالت انه صدر بشأن عقد جلسة المحكمة العسكرية في القضية على "ضرورة الاسراع بالتحقيق الجاد حتى لا يظلم احد باتهامه وهو ليس طرفا فاعلا في الجريمة، وكذلك عدم استبعاد من هو طرف فاعل فيها".

وحملت الشهور الماضية سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت عشرات من قيادات الشرطة والجيش من دون اعتقال الفاعلين، ما أثار تساؤلات ومخاوف من وجود مخطط للتخلص من قيادات هاتين المؤسستين وتفكيكهما.

وتعبر اوساط كثيرة عن مخاوفها من وجود "خطة ممنهجة" تقف وراءها قوى سياسية ودينية لتصفية قيادات الشرطة والجيش بهدف الحيلولة دون تفعيل هاتين المؤسستين المخولتين فرض الامن وارساء الاستقرار وبسط نفوذ الدولة في البلاد.