تعهد الرئيس الاميركي جورج بوش "بمحاسبة كاملة" للمتورطين في فضيحة تعذيب الاسرى العراقيين واكد دعمه لوزير دفاعه دونالد رامسفلد في مواجهة المطالبين باقالته بينما اعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه لم يعلم سوى مؤخرا بمضمون تقرير للصليب الاحمر تسلمته حكومته منذ 4 اشهر وكشف تورط جنوده فيها.
وقال بوش في تصريحات أدلى بها عقب لقاء بوزير الدفاع وكبار الضباط في وزارة الدفاع "لان اميركا ملتزمة بالمساواة والكرامة لكل البشر فستكون هناك محاسبة كاملة عن الانتهاكات القاسية والمخزية التي تعرض لها المحتجزون العراقيون."
واضاف "السلوك الذي تكشف يمثل اهانة للشعب العراقي واساءة لكل المعايير الاساسية واللياقة."
والتقى بوش مع وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبار الضباط العسكريين الاميركيين بعد ان اعتذر الرئيس عن الفضيحة علنا الاسبوع الماضي.
وقال بوش "على العراقيين ان يعرفوا ان تحالفنا ملتزم التزاما كاملا باستقلالهم واننا ملتزمون التزاما كاملا بكرامتهم الوطنية."
واثنى بوش على وزير دفاعه معتبرا انه "يقود امتنا بشجاعة في حربنا ضد الارهاب".
واضاف مخاطبا رامسفلدالذي وقف الى يساره "انت وزير دفاع قوي وشعبنا مدين بالامتنان".
وتاتي مؤازرة بوش لرامسفلد في وقت تصاعدت فيه المطالبات باقالة الاخير على خلفية فضيحة تعذيب الاسرى العراقيين في سجن ابو غريب غرب بغداد.
وكان بوش رفض الخميس دعوات لاقالة رامسفلد معتبرا انه "جزء مهم من حكومتي وسيبقى عضوا فيها."
ولم يدع اي عضو جمهوري في الكونغرس الى استقالة رامسفيلد منذ ان ادلى بافادته الجمعة امام لجنة الدفاع الا ان عدد الديمقراطيين الذين يطالبون باستقالته تزايد.
وقال وزير الدفاع انه يتحمل المسؤولية عن تعرض السجناء العراقيين لسوء المعاملة على ايدي القوات الاميركية ولكنه قال انه لن يستقيل لمجرد ارضاء الخصوم السياسيين.
واستفاد منتقدو الرئيس الاميركي في الداخل بصور جنود اميركيين يتلذذون بتهديد سجناء عراقيين عرايا بالكلاب او يجرونهم على الارض من أعناقهم برباط ذخيرة كما كانت الصورة صادمة للعراقيين الذين تستعد واشنطن لتسليمهم السلطة يوم 30 حزيران/يونيو.
وقال جنود اتهموا بانتهاك حقوق السجناء العراقيين انهم تصرفوا بناء على اوامر خبراء المخابرات في السجن.
واعلن رئيس هيئة اركان القيادة الوسطى الاميركية الجنرال جون ابي زيد في المنامة الاثنين انه يتحمل المسؤولية عن تصرفات الجنود الاميركيين في منطقة عمله مؤكدا ان حوادث التعذيب في سجن ابوغريب حوادث "معزولة".
وردا على سؤال عما اذا كان مستعدا للاستقالة باعتباره القائد العسكري الاعلى للقوات الاميركية في المنطقة، قال ابي زيد انه مسؤول كقائد عسكري عن كل تصرفات القوات الاميركية في نطاق عمله مضيفا ان "منطقتي تشمل المنطقة الممتدة من افغانستان الى كينيا بما فيها العراق" مؤكدا "انني اتحمل المسؤولية".
واعلن ابي زيد ان التحقيقات في ممارسات التعذيب في سجن ابوغريب في العراق مستمرة وستأخذ مداها الى ابعد الحدود المطلوبة مؤكدا انها حوادث معزولة وانه منزعج للغاية كعربي اميركي من هذه الممارسات.
وقال ابي زيد في مؤتمر صحافي قصير عقده بمطار البحرين اليوم "علينا ان نتأكد الان من هم المسؤولون عن التعذيب وعلينا تقديمهم للمحاكمة (..) علينا ان نعمل على منع ذلك في المستقبل".
واضاف "هناك الان انواع عدة من التحقيقات تجري حول ما جرى في ابو غريب (..) تحقيق جنائي وتحقيق نظامي ستكون نتائجه علنية وهناك تحقيق استخباراتي وهناك اخيرا لجنة تبحث اوضاع السجون العراقية (..) اعتقد ان ما جرى في ابوغريب حوادث معزولة".
واكد موضحا "سنعمل على اصلاح النظام لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل".
وفي اطار محاولات الادارة الاميركية امتصاص الغضبة العراقية
والعراقية لما يجري في سجن ابو غريب، فقد أعلن الميجر جنرال جيفري ميلر المسؤول عن السجون العسكرية الاميركية في العراق الاثنين إنه سيخفض بمقدار النصف عدد نزلاء السجن خلال 45 يوما.
وصرح ميلر بأنه سيفرج عن بعض المحتجزين في سجن ابو غريب وسينقل اخرون الى سجون اخرى. وقال للصحفيين وهو يتفقد السجن "سنخفض عدد النزلاء هنا من نحو 3800 الى ما يتراوح بين 1500 و2000 خلال 45 يوما."
تقرير الصليب الاحمر
هذا، وقد كشف تقرير تسرب مضمونه الاثنين ان مسؤولي الصليب الاحمر شاهدوا جنودا أميركيين يضعون سجناء عراقيين وهم عراة تماما لعدة أيام في الظلام الدامس بسجن أبو غريب في تشرين الاول/اكتوبر الماضي وان ضابط المخابرات المسؤول وقتها ابلغهم بان هذا "جزء من العملية".
ووصفت اللجنة الدولية للصليب الاحمر اجبار جنود بريطانيين لسجناء عراقيين على ان يجثموا ارضا ثم داسوا على رقابهم وهي الواقعة التي مات فيها أحد السجناء.
وقالت اللجنة إنها نبهت سلطات الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة مرارا إلي الممارسات التي وصفتها بانها "انتهاك خطير للقانون الانساني الدولي. وترقي إلي التعذيب في بعض الحالات."
وأكدت اللجنة ان التقرير الذي يعود تاريخه إلى الرابع من شباط/فبراير الماضي والذي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال يوم الاثنين صحيح.
وخلص التقرير الذي يقع في 24 صفحة إلي "ان السجناء الذين سلبوا حريتهم كانوا عرضة لخطر أن يكونوا هدفا لعمليات من الاكراه البدني والنفسي ترقي في بعض الحالات إلي التعذيب وذلك خلال المراحل الاولي من عملية الاعتقال."
ذكر التقرير انه أثناء زيارة قامت بها وفود الصليب الاحمر لسجن أبو غريب في تشرين الاول/اكتوبر شاهدوا "عملية وضع السجناء وهم عراة تماما في زنازين أسمنتية شاغرة تماما وفي ظلام دامس."
وقال التقرير إنه بمشاهدة هذه الحالات اوقفت اللجنة الدولية زياراتها وطلبت تفسيرا من السلطات. وشرح ضابط المخابرات المسؤول عن استجواب المعتقلين بان هذا جزء من العملية (الاستجواب)."
وقالت اللجنة إن اعضائها التقوا بسجناء ممن تم وضعهم في ظلام دامس. وآخرين احتجزوا عراة وسمح لهم بان يرتدوا ملابس ولكن ملابس داخلية نسائية فقط.
بلير لم يعلم الا مؤخرا
الى ذلك، فقد اعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في مؤتمر صحفي الاثنين انه لم يعلم "سوى منذ ايام قليلة" بما تضمنه تقرير الصليب الاحمر حول الانتهاكات التي ارتكبها الجنود الاميركيون والبريطانيون بحق الاسرى العراقيين.
وكان مكتب بلير اعلن في وقت سابق ان الصليب الاحمر ابلغ الحكومة البريطانية في شباط/فبراير بانتهاكات مزعومة ضد اسرى عراقيين.
لكن بلير قال الاثنين ان مزاعم الانتهاكات "اشياء لم نعلم بها سوى خلال الايام القليلة الماضية".
واضاف "على حد علمي، فانه ليس انا فحسب، بل وكافة وزراء الحكومة، لم نعلم بهذه الادعاءات المحددة حتى ظهورها في الصحف مؤخرا".
وقال بلير ان تقرير الصليب الاحمر ذكر "موضوعين محددين..احدهما بشان ممارسة محددة والثانية تتعلق بممارسة فردية".
واضاف "ما افهمه هو ان كلا الموضوعين تم التعامل معهما بشكل مناسب..ما هو غير صحيح هو القول ان الصليب الاحمر او أي شخص اخر تحدث عن ان القوات البريطانية تقوم بعمليات باساءة معاملة او تعذيب او انتهاك حقوق السجناء بشكل منهجي".
وبحسب مكتب بلير فان الاخير لم يتم ابلاغ الاخير بتقرير الصليب الاحمر الذي تم تمريره الى المسؤولين البريطانيين في شباط/فبراير بسبب انه كان يتم التعامل معه في حينها على مستوى "عملياتي".
ومن جهته، ابلغ وزير الدفاع البريطاني جيوف هون مجلس العموم (البرلمان) الاثنين ان الصليب الاحمر ابرز ثلاثة مواضيع في ما يتعلق بالقوات البريطانية، وان تحقيقات واجراءات اخرى قد بدأت بالفعل.
واوضح هون ان الشرطة العسكرية البريطانية حققت او تحقق في 33 شكوى، تم رفض 15 منها.
وقال "استطيع ان اؤكد اليوم ان قضيتين وصلتا الى مرحلة متقدمة في انتظار قرارات باحالتها الى المحكمة".
وفي ما يتعلق بالقضايا الثلاث التي ابرزها تقرير الصليب الاحمر، قال هون انها تتصل بوفاة باحة موسى (28 عاما) خلال الاحتجاز في ايلول/سبتمبر الماضي، وبالتغطية الروتينية لرؤوس السجناء، وبمحتجز يزعم ان سيارته تمت سرقتها.
وقال هون ان تحقيقا بدأ على الفور في وفاة موسى وان القضية تمت مناقشتها داخل البرلمان. مضيفا ان عملية تغطية رؤوس السجناء تم وقفها وان الرجل الذي ادعى سرقة سيارته جرى اعطاؤه نماذج لتقديم شكوى.—(البوابة)—(مصادر متعددة)