في محاولة لانتخاب رئيس للبلاد هي الثانية عشرة على التوالي منذ شغور المنصب اواخر العام الماضي، يعقد مجلس النواب اللبناني جلسة الاربعاء، في مسعى جديد تشير التوقعات الى ان الفشل سيكون مصيرها ايضا في ظل الخلافات الحادة بين حزب الله وخصومه السياسيين.
ولا يحظى أي فريق بأكثرية في المجلس تتيح له إيصال مرشحه إلى المنصب الذي ظل شاغرا منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وربما يكون الجديد هذه المرة هو توافق كتل ونواب مستقلين على دعم ترشيح جهاد أزعور، وزير المالية السابق والمدير الحالي لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وذلك في مواجهة مرشح حزب الله الوزير السابق سليمان فرنجية.
وقد تنحّى أزعور موقتاً عن مهامه في صندوق النقد عقب دعم ترشيحه الذي قال انه يريد أن يكون مساهمة في الحل وليس عنصر تأزيم، مشددا على ان الترشج "ليس تحدياً لأحد"، في رد على حزب الله الذي وصفه بانه مرشح المواجهة والتحدي.
على ان المراقبين لا يتوقعون حدوث خرق خلال الجلسة التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري، الذي يتزعم حركة امل الشيعية الحليفة اللصيقة لحزب الله الذي يعد بلا منازع القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد.
وفي بيان صدر في 4 حزيران/يونيو الجاري، اعلن 32 نائبا ينتمون الى قوى مسيحية ومعارضة وبعضهم مستقلون التوافق على ترشيح أزعور، وزير المالية الاسبق والمدير الحالي لإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي.
واكد البيان ان الاصوات اللازمة لفوز ازعور، وهي 56 صوتا قد تم تامينها، ما يعني فوزا مؤكدا لمرشحهم في تصويت سري يجريه مجلس النواب البالغ عدد اعضائه 128 عضوا.
وعقد ازعور اجتماعات مع مختلف الأحزاب والنواب لبحث حظوظه في المنصب رغم انه لم يعلن الى الان ترشحه رسميا.
اسقاط النصاب
يعد حزب القوات اللبنانية الذي يحظى بكتلة نيابية معتبرة، ابرز داعمي ازعور، ومعه كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وايضا، التيار الوطني الحر حليف حزب الله المسيحي الأبرز، والذي يرفض وصول فرنجية الى منصب الرئاسة.
وعلى الجانب المقابل، يقف حزب الله وحليفته حركة امل خلف فرنجية الذي يتمتع ايضا بعلاقات قوية مع الحكومة السورية والرئيس بشار الاسد خصوصا.
وينتمي فرنجية (56 عاما) الى عائلة مسيحية عريقة لها باع طويل في العمل السياسي، علما ان منصب رئاسة الجمهورية مخصص لمسيحي ماروني في ظل نظام المحاصصة الطائفية في البلاد.
وسبق ان نافسه النائب ميشال معوض المناهض لحزب الله على المنصب قبل ان يعلن انسحابه لصالح ترشيح أزعور.
لاكثر من مرة حصل معوض على أكبر عدد من الأصوات في اقتراع البرلمان لاختيار رئيس للبلاد، غير ان ذلك لم يسعفه للوصول الى مبتغاه لعدم ضمانه الاصوات الـ 56 اللازمة.
وفيما بات مؤكدا ان ينال ازعور اكبر عدد من الاصوات في الدورة الاولى، لكنه لن يبلغ الدورة الثانية التي يتوقع ان يحبط حزب الله وحلفاؤه انعقادها عن طريق اسقاط نصاب الجلسة.
انجاز المهمة
يلزم حصول المرشح على غالبية الثلثين (86 صوتاً من اصل 128) للفوز في الدورة الاولى، ويهبط العدد في الدورة الثانية الى 68 صوتا، وما يتوقع هو انسحاب نواب حزب الله وحلفاؤه لاسقاط نصاب التصويت الذي يتطلب الثلثين في الدورتين.
وعشية الجلسة المرتقبة، دعت باريس وواشنطن السياسيين اللبنانيين الى اخذ التصويت "على محمل الجد" و"انجاز المهمة".
واذ شددت آن كلير لوجندر المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية على ان حل الازمة في لبنان يعد أولوية لدبلوماسية باريس، حثت اللبنانيين على اغتنام فرصة جلسة البرلمان الاربعاء واخذها "على محمل الجد".
واعتبر المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر من جهته ان على مجلس النواب اللبناني الاستمرار في جهوده الى حين انتخاب رئيس، مشدد على انه ينبغي للنواق "إنجاز المهمّة" في نهاية المطاف، استشعارا لـ"الحاجة الملحّة لتلبية الاحتياجات المصيرية لمواطنيهم.