لماذا لا يمكن أن يكون هناك منصب كـ "البابا" لدى المسلمين؟!

تاريخ النشر: 01 أكتوبر 2015 - 06:20 GMT
البوابة
البوابة

هناك بعض الأفكار والأسئلة الممنوع والمحرم مجرد التفكير فيها وليس فقط طرحها، بسبب جدلتيها وما قد تثيره من فتن، ومن هذه الأسئلة التي قد تكون وردت في بال الكثيرين إلا أنهم لم يتشجعوا على طرحها.

لماذا لا يوجد للمسلمين "بابا" يساعد على انتشار الإسلام الوسطي ويكون ملهماً دينياً وزعيماً سياسياً؟!

سؤال قد يراه البعض محرماً إلا ان انتشار الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش والعديد من الشيوخ المتطرفين يدفعنا لطرح هذا السؤال خصوصاً أن منصب شيخ الأزهر بالرغم من أهميته الكبري في العالم الإسلامي بأسره- فقد جزءا من بريقه وتأثيره علي قطاع من المسلمين.

يرى بعض المفكرين أن عدم وجود زعيم ديني للمسلمين يرجع إلي أن معظم علماء الدين الإسلامي واقعون تحت هيمنة ووصاية الدولة بعكس قساوسة الكنيسة كما أن علماء الإسلام يفتقدون إلي الحرية ومحاصرون حصارا شديدا في حركتهم وأحاديثهم وخطبهم بعكس ما يتمتع به البابا والقساوسة والكهنة في الكنيسة، كما أن المؤسسات الإسلامية وعلي رأسها الأزهر الشريف واقعة تحت سيطرة الدولة التي تعين شيخ الأزهر ولا تتمتع بالاستقلال المالي والإداري.

على عكس البابا الذي يتمتع باستقلال إداري ومالي يمنحه كامل الحرية بالتصرف وأخذ القرار. سواء كان على المستور الديني أو السياسي.

اما عند المسلمين فقد تخشى العديد من الحكومات من وجود شخصية دينية ذات شعبية كبيرة مما قد يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها إذا وجد المنقذ الإسلامي قوي الشخصية والقادر على إيجاد حلول لكافة المشاكل بالإضافة لتلميع صورة المسلمين أمام الغرب.

ولذلك قد يتعرض أي شيخ ديني للحبس لو خالف تعاليم المؤسسة الحكومية التي ينتمي لها، وبذلك يبقى الشيخ تحت عباءة الدولة، مما يساعد على ظهور العديد من الشيوخ المتطرفين الرافضين لظلم الدولة وديكتاتوريتها إلا أنهم على الجانب الديني قد يملكوا فكراً متطرفاً يدعوا لإقصاء ومعاقبة وتكفير كل من يخالفهم.

والغريب بالأمر أنه ورغم وجود العديد من الشيوخ الوسطيين والقادرين على القيام بنفس الخدمات التي يقدمها "البابا" والمساعدة على تحسين صورة الدين الإسلامي أن هؤلاء الشيوخ بالعادة هم محاربين من شيوخ بمثل منزلتهم او من بعض الاناس العاديين حتى وان كان مرحب بهم في المؤسسة السياسية وقد تصل محاربتهم إلى حد تكفيرهم وبالتالي يصبح قتلهم حلال.

ماذا يفعل البابا ولماذا نحن بحاجة لوجود نفس فكرته في الإسلام؟

باختصار حصانة البابا تساعده على ابداء رأيه في كافة الأمور دون خوف او تردد ويسعى البابا دوماً للتواجد قرب المهمشين والمحتاجين وتسليط الضوء على العديد من القضايا الإنسانية، والبابا قادر أيضاً على تغيير بعض الثوابت والأحكام المسلم بها "مثل قضية الطلاق.

أما شيوخ الإسلام ولخشيتهم من الاضطهاد والسجن فهم مضطرون لتنفيذ قرارات ورغبة حاكم المؤسسة التي ينتمون لها مما يؤثر على الفتاوي التي يصدرونها فتصدر بالعادة لخدمة حاكم الدولة وهذا يجعل العديد من العامة يشعرون بأن شيوخهم وفتاويهم تحت خدمة الطبقة الحاكمة.

وهنا تكون فرصة المتطرفين دينياً لمحاولة كسب ود الشارع وتعاطف المواطن البسيط الذي يرى بالشيخ المتطرف والذي يقف بوجه الحاكم المنقذ والبطل الذي لا يخشى أحد وبالتالي وجب طاعته في كل الأمور.

هل نحن بحاجة لـ منصب البابا بيننا؟!

بالفكرة العامة التي يعمل بها البابا وبالطريقة التي يظهر بها للرأي العام، نعم نحن بحاجة لمن يثبت للرأي العام الغربي أن الإسلام ليس دين تطرف وأنه دين مبني على التسامح والمحبة، وهذا الشخص يجب ان تكون لديه كامل الحرية والحصانة ليستطيع ان يواجه العالم بكل قوة دون قلق او تردد، ويجب ان يكون مرجعية يثق بها الجميع ويتم اختياره من قبل مشيخة الأزهر أو عدد من الشيوخ وليس من قبل الحاكم.

في النهاية يبدو ان الموضوع شائك وطويل ولا حل له خصوصاً مع تعدد الطوائف الإسلامية لكننا سننهي الموضوع بسؤال افتراضي:

- في حال كان للمسلمين شخص يمثل مفهوم "البابا" وأصدر حكماً شرعياً يحلل فيه أمر محرم، أو حرم أمر محلل، أو أصدر فتوى باعتبار رئيس أو حاكم إحدى الدول أو أحد أقربائه بالظالم والقاتل؟! ماذا سيحدث؟!!

وعند اجابتنا لهذا السؤال سنصل لجواب سؤال مهم لماذا لا يوجد "بابا" للمسلمين؟!