"انتفاضة" فلسطينية ضد الغلاء: هل هي تحويل للأنظار عن فلسطين بوصفها قضية تحرير ام مطالب محقة؟

تاريخ النشر: 05 سبتمبر 2012 - 08:43 GMT
AFP
AFP

البوابة – الضفة الغربية

شهدت عدة مدن وقرى فلسطينية اليوم الاربعاء وامس الثلاثاء مظاهرات واعتصامات حاشدة احتجاجا على الغلاء وعلى السياسيات الاقتصادية لحكومة سلام فياض، واثارت هذه "الانتفاضة" المطلبية اسئلة حول ما اذا كانت تحولا في النضال الفلسطينية من نضال تحرري الى نضال مطلبي.

أشعل متظاهرون فلسطينيون، مساء الثلاثاء، مجسماً لرئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض، خلال مظاهرة ضد الغلاء في الخليل جنوب الضفة الغربية.

وأقدم شابان وضعا على وجهيهما قناع (فانديتا) على حرق مجسم رمزي لفياض، ألصقت عليه شعارات "اتفاقية باريس"، "البطالة"، "القروض"، في خطوة رمزية للاحتجاج على السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة الفلسطينية.

وشهدت المسيرة مشاركة قرابة ألف فلسطيني غالبيتهم من قطاع الشباب، تجمعوا في ساعات المساء في منطقة دوار ابن رشد وسط مدينة الخليل جنوب الضفة، وهي ذات المنطقة التي شهدت مظاهرة بمشاركة العشرات في وقت سابق اليوم.

وانتشر أفراد من الشرطة في مكان تجمع المسيرة لكنهم لم يتدخلوا لفضها.

وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإسقاط حكومة فياض، ووقف ارتفاع الاسعار والغلاء وفرض الضرائب، كما رفعوا لافتات مماثلة من بينها "لا لحكومة الذل والتجويع" و"يا فياض لسنا دجاج بياض.. ولن نحرق انفسنا".

وكان المواطن الفلسطيني خالد ابو ربيع (37 عاماً) من سكان مخيم الفوار في الخليل، حاول أمس إحراق نفسه أمام بلدية دورا جنوب الخليل، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية، إلا أن الشرطة تمكنت من اعتقاله قبل أن ينفذ المحاولة.

ولقي شاب من غزة حتفه، الأحد الماضي بعد يوم من إصابته بحروق شديدة إثر إشعال النار في نفسه داخل مجمع الشفاء الطبي احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية.

وتعاني الأراضي الفلسطينية من ارتفاع معدلات البطالة، واتساع رقعة الفقر، مع ارتفاع في الأسعار.

وكانت مدن الضفة الغربية، شهدت الثلاثاء، عدة مظاهرات إحتجاجية ضد الغلاء وارتفاع الأسعار والسياسات الإقتصادية لحكومة سلام فياض التي شكّلت لجنة لبحث الأمر.

وأغلق شبان فلسطينيون بعد ظهر اليوم شارع الإرسال المؤدي إلى مقر الرئاسة في مدينة رام الله بواسطة سيارة وسط تنامي الحراك الشبابي المحتج على الإرتفاع المضطرد للأسعار، ورفعوا لافتات كتب عليها "لا للجوع لا لحكومة الذل والتجويع"، و"إلى متى سنستمر في دفع ثمن عهركم".

كما شهدت مدينة الخليل مظاهرة لسائقي الشاحنات، الذين أغلقوا عدداً من الشوارع الرئيسة وسط المدينة جنوب الضفة الغربية رفضاً للغلاء الذي طرأ على أسعار المواد الأساسية والمحروقات.

وكانت أسعار عدة سلع أساسية ضمنها البنزين شهدت إرتفاعاً خلال الأيام الماضية، بالتوازي مع رفع قيمة ضريبة الدخل من قبل حكومة تسيير الأعمال برئاسة سلام فياض.

ونظّم عشرات الشبان إعتصاماً آخر في منطقة دوار ابن رشد، بالخليل حمل المشاركون فيه اللافتات المطالبة بضرورة تدخل الحكومة والجهات المعنية لتخفيض أسعار الوقود والمستلزمات الأساسية، في ظل التردي العام للوضع الإقتصادي.

وانفض الإعتصام، قبل أن يتجدد مساء الثلاثاء.

وفي بيت لحم شهدت عدة مواقع من المحافظة مسيرات صاخبة ضد موجة الغلاء الفاحش التي تجتاح الاراضي الفلسطينية وجرى تحميل مسؤوليتها للحكومة الفلسطينية وعلى راسها الدكتور سلام فياض بحسب ما شوهد  من شعارات وما ردد من هتافات في هذه المسيرات التي اخذت منحى شديد في المظاهر.

وقال الصحفي الفلسطيني نجيب فراج في مدونته ان الشباب رفعوا لافتات كتب عليها “اصحى يانايم” في ساحة السينما وسط المدينة والتي تكتظ بالجماهير، وهي التظاهرة الرابعة في غضون اسبوع واحد ضد الغلاء وقد رفع المشاركون اعلاما فلسطينية ولافاتات تدعو الى مناهضة موجة الغلاء وتراجع الحكومة عن قرارتها في رفع البنزين والوقود والمواد الاساسية كاللبن والجبن والبض وقرأ من هذه الشعارات”لا لموجة الغلاء الفاحش”، ” نحن شعب نريد الحياة بكرامة، وعلى الحكومة ان ترحل”، ” سلام فياض اخل بكل وعوده بالرفاه والتنمية وحول البلد الى جحيم لا يطاق”.

وقال اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي وهو ناشط سياسي ان احوال المواطنين اصبحت لا تطاق وان الحكومة برئاسة سلام فياض والسلطة بشكل عام يتحملون مسؤولية ما يحدث من غلاء فاحش، انهم يريدون طبق فكي الكماشة على شعبنا وهذا بحد ذاته شيء خطير للغاية وجزء من عملية تحويل الانظار عن القضية الفلسطينية بوصفها قضية قضايا العرب واحرار العالم اجمع الى قضية الهاء شعبنا بقضايا يومية كالفواتير والغلاء وما شابه لتستفرد اسرائيل بالارض وتعمل على تهويدها، ودعا المواطنين الى تنظيم مزيد من التظاهر ضد موجلت الغلاء التي تقهر شعبنا.

وفي بلدة الدوحة المجاورة تظاهر العشرات من الشبان في الشارع الرئيس المؤدي الى بيت لحم وقد رفعوا الشعارات المناوئة لقرارات الحكومة برفع اسعاء السلع الاساسية، مشددين على ضرورة التراجع عنها، كما قام الشبان بشعال اطارات السيارات في الشارع وقد ادى ذلك الى اغلاقه امام حركة السير واختناق شديد فيها.

وتشهد مدينة الخليل الان اضرابا واسعا واغلاقا للطرق بالسيارات والاليات الثقيلة، ومن المنتظر ان تتبعها مدينة رام الله بعد ظهر اليوم الاربعاء.

ودفعت هذه التحركات، حكومة فياض إلى الإعلان في نهاية اجتماعها برام الله اليوم، عن تكليف اللجنة الإقتصادية الوزارية ببحث مذكرة وزارة الإقتصاد الخاصة بأسعار السلع والخدمات "لدراسة كافة الخيارات والإجراءات المتاحة للتعامل مع الوضع الناشئ عن الإرتفاع في الأسعار، على أن ترفع اللجنة توصياتها إلى مجلس الوزراء خلال يومين لاستكمال البحث في هذا الموضوع واتخاذ القرارات اللازمة لمعالجته".

وأشارت الحكومة الى أن الإجتماع بحث الوضع المالي للسلطة، كما "بحثت إرتفاع الأسعار في السوق العالمية وتأثيراته على السوق المحلية والوضع المعيشي للمواطنين، وكيفية معالجة ذلك بمسؤولية عالية، وضمن ما يسمح به الوضع المالي للسلطة الوطنية، في ظل الأزمة المالية التي لا تزال تعاني منها".

وقال الصحفي محمد ابو عرقوب في مقال نشر على مواقع الكترونية عدة ان شائعات سرت مساء الثلاثاء عن مصدر فلسطيني غير معروف عن نية الرئيس محمود عباس إصدار تعليمات بإلغاء قرارات الحكومة، وخاصة قرار رفع أسعار المحروقات والإيعاز بصرف رواتب الموظفين فورا، وهذا ما نفاه الرئيس محمود عباس في اجتماع اللجنة التنفيذية عن احترام حق المواطن في التعبير عن رأيه والتظاهر، وما تم إعلانه عن استحالة صرف الرواتب  هذه الأيام، لعدم توفر السيولة لدى الحكومة الفلسطينية بحسب ما أكده رئيس الوزراء سلام فياض الذي وعد بمتابعة مطالب المواطنين والعمل ضمن الفريق الوزاري على إيجاد حلول لموجة الغلاء التي اأارت سخط المواطن الفلسطيني، ودفعته للمطالبة بقوة برحيل حكومة سلام فياض، بل وارتفع سقف المحتجين إلى تحميل الرئيس محمود عباس المسؤولية باعتباره صاحب القرار في تعيين رئيس الوزراء.

ويشار إلى أن عدة مسؤولين في السلطة الفلسطينية أعلنوا أنها تواجه أزمة مالية خانقة، حيث اضطرت الى دفع رواتب الموظفين في القطاع العمومي عن شهر تموز/ يوليو على دفعتين، فيما لم يتم دفع راتب شهر آب/ أغسطس حتى الآن.