تستعد اليونان لانتخابات جديدة للمرة الثانية في ظرف شهرين، في اقتراع شديد المخاطر في بلد يعاني من نكسة اقتصادية تهدد مجددا منطقة اليورو وبقاء اثينا فيها.
واتخذ القادة اليونانيون الاثنين قرار تنظيم انتخابات جديدة بعد عشرة ايام من المفاوضات غير المثمرة من اجل تشكيل حكومة ائتلافيةاثر الانتخابات التشريعية التي جرت في السادس من ايار/مايو وكانت بمثابة عقاب على خطط التقشف اذ يفز فيها اي حزب بالاغلبية.
وحدد الاربعاء موعد الانتخابات التشريعية الجديدة الرامية الى وضع حد للفراغ السياسي الحالي في 17 حزيران/يونيو المقبل وذلك عقب اجتماع عقده قادة الاحزاب برعاية رئيس الجمهورية كارولوس بابولياس وكان يرمي هذه المرة الى تشكيل حكومة موقتة توكل اليها مهمة تنظيم الانتخابات.
واذا لم يتوصل قادة الاحزاب التي دخلت البرلمان في السادس من ايار/مايو الى التوافق حول تشكيلة هذا الطاقم الحكومي، فسيختار بابولياس بين رؤساء المحكمة العليا ومجلس الدولة ومحكمة الحسابات رئيس حكومة يطلق عليها اسم حكومة "خدمة" على ان يعمد بعدها الى حل البرلمان بعد تنصيبه المقرر الخميس.
وهذه العودة الى صناديق الاقتراع مع توقع تحقيق حزب سيريزا فوزا كبيرا، اثارت مجددا مخاوف منطقة اليورو وزادت من حدة التهديدات بخروج البلاد من العملة الموحدة اذا لم تف بالتزاماتها على صعيد الانضباط في الميزانية وانجاز اصلاحات هيكلية.
واعرب الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل عن دعمهما البلاد واكدا مساء الثلاثاء رغبتهما في "بقاء اليونان في منطقة اليورو" واستعدادهما للنظر في اجراءات نمو اذا طلبت اثينا ذلك.
لكن سرعان ما تدارك وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله تلك الرسالة مؤكدا الاربعاء ان "برنامج اليونان اعد بعناية فائقة ولا يمكن اعادة التفاوض بشأنه" مؤكدا ان "الذين سيفوزون في الانتخابات سيقررون ما اذا يقبلون تلك الشروط ام لا".
غير ان كل الاحزاب اليونانية بما فيها الاشتراكيون والمحافظون الذين كانوا يشكلون الحكومة الائتلافية السابقة والمؤيدون لتوصيات الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي، اكدت بعد صدور نتيجة انتخابات السادس من ايار/مايو المناهضة للتقشف بشكل واضح، رغبتها في "اعادة التفاوض" او "تعديل" او "التنصل" من خارطة الطريق المفروضة على البلاد.
اما حزب سيريزا فانه تحدث عن "الغاء" اجراءات التقشف الواردة في خطة النهوض الاقتصادي التي فرضها الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي على اليونان مقابل منحها قروضا حتى 2014.
ومع الاعلان عن الانتخابات الجديدة تراجع سعر اليورو اعتبارا من الثلاثاء ووصل الى ما دون عتبة 1,28 دولار لاول مرة منذ اربعة اشهر بينما اغلقت البورصات على انخفاض.
وتواصل هذا التراجع صباح الاربعاء فانخفضت معدلات الفوائد على السندات الالمانية المرجعية على عشر سنوات (بوند) التي تعتبر ملاذا الى ادنى مستوياتها التاريخية.
وفتحت بورصات باريس ولندن وفرانكفورت على انخفاض كبير بينما طاول التراجع حتى العملة الهندية الروبية التي انخفضت الى ادنى مستوياتها مقابل الدولار.
وعلى الصعيد الداخلي حاولت الجبهة المقابلة لمعارضي التقشف تنسيق ردها فاعتبر الناطق باسم الحكومة المنتهية ولايتها بنتيليس كابسيس ان "البلاد لا تملك هامش مناورة يسمح لها بعدم احترام التزاماتها" والا فسوف تشهد "تقلص اجمالي الناتج الوطني اكثر وتتعرض لاجراءات اكثر تشددا".
واضاف كابسيس ان "الاقتصاد مفلس (...) ولا يجب ان يثير فرنسوا هولاند آمالا خاطئة" في اشارة الى ما اثاره انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد من آمال في اليونان بتراجع الصرامة الالمانية.
واعربت الصحف اليونانية الاربعاء عن القلق من "ان تتجه البلاد وسط ريبة كبيرة ومخاوف من انهيار الاقتصاد الى انتخابات جديدة" كما كتبت "تا نيا" الموالية للاشتراكيين.
من جانبها اعربت صحيفة نفتمبوريكي الليبرالية عن القلق من "اللجوء مجددا الى الانتخابات في حين يغرق الاقتصاد في الركود" محذرة من ان "تسامح شركاء اليونان من اجل بقائها في منطقة اليورو يواجه اختبارا".
وعنونت صحيفة تاثيميريني "انتخابات جديدة، والبلاد في العجز" منتقدة سيريزا كما فعل خصومه السياسيون، لرفضه مساندة ائتلاف حكومي يضم باسوك الاشتراكي ويمين الديمقراطية الجديدة وحزب اليسار الديمقراطي الصغير (دينار) الذي كان يمكن ان يجمع 168 نائبا من اصل 300.
وقد دعا سيريزا الى احترام "قرار الشعب" ضد السياسات التي ادت الى مضاعفة نسبة البطالة في ظرف سنتين (اكثر من 21%) واغرقت البلاد في ركود للسنة الخامسة على التوالي.
وتحت عنوان "انتخابات في حقل الغام" حذرت صحيفة ايليفثيروس تيبوس (يمين) من "اقتراع عالي المخاطر ومسؤولية تاريخية" واضافت ان "نتيجة هذه الانتخابات حاسمة لبقاء البلاد في منطقة اليورو".