الولايات المتحدة.. انقسام بين أبناء "كينيدي" عقب الإفراج عن قاتل والدهم

تاريخ النشر: 28 أغسطس 2021 - 07:44 GMT
سرحان بشارة سرحان
ولد سرحان بشارة سرحان لعائلة فلسطينية مسيحية في القدس عام 1944

انقسم أبناء مرشح الرئاسة الأمريكية روبرت كينيدي عام 1968، بين مؤيد ومعارض، عقب قرار الإفراج عن  اللاجئ الفلسطيني سرحان سرحان، الذي أدين بقتل والدهم.

وقررت لجنة للإفراج المشروط في ولاية كاليفورنيا الأمريكية إطلاق سراح "سرحان"، وأفاد مسؤولون في إدارة السجون الولاية أن قرار الإفراج عن سرحان (77 عاماً) سيرفع إلى الفريق القانوني للجنة، الذي لديه 120 يوماً للبت فيه ويمنح القانون حاكم الولاية بعد ذلك 30 يوما للسماح بتنفيذه أو إلغائه.

وقال مفوض مجلس الإفراج المشروط روبرت بارتون: "نعتقد أنك كبرت... لم أعد أقدر على رؤية السيد سرحان وجها لوجه. لقد عشت حياتي في خوف منه ومن اسمه بطريقة أو بأخرى. وأنا ممتن اليوم لرؤيته كإنسان يستحق التعاطف والحب".

وقالت أنجيلا بيري، محامية سرحان إنّ موكلها لم يُتهم قط بانتهاك خطير داخل السجن، وإنّ مسؤولي السجن يرون أنه لا يشكل خطرا.

ومع صدور قرار الإفراج انقسم أبناء كيندي بين مؤيد ومعارض للقرار، إذ قال ستة من أبناء كينيدي التسعة الباقين على قيد الحياة إنهم صُدموا من القرار وحثوا الحاكم جافين نيوسوم، على عكس قرار مجلس الإفراج المشروط وإبقاء سرحان خلف القضبان.

مواليد القدس

ولد سرحان بشارة سرحان لعائلة فلسطينية مسيحية في القدس عام 1944 وفي السنوات الأولى من عمره شهد أحداث حرب 1948 .

وتقول والدته ماري إن نجلها شاهد رجلا يتحول إلى أشلاء جراء انفجار قنبلة خلال هجوم في حيهم في طفولته وظل هذا المشهد يطارده.

وعندما كان سرحان في الثانية عشر من عمره هاجر إلى الولايات المتحدة بتأشيرة خاصة كانت تمنح للاجئين الفلسطينيين فانتقلت عائلته إلى نيويورك حيث استقرت لفترة وجيزة، ثم توجهت إلى ولاية كاليفورنيا التي واصل فيها تعليمه.

وتقول والدته ماري إن الدين كان مهما بالنسبة له لدرجة أنه شكا لها من أن الأطفال الآخرين في مثل عمره لا يأخذون الدين بجدية.

طائفة سرية

كان قد انضم للكنيسة المعمدانية، ولكن في عام 1966 أي قبل الحادث بعامين تحول إلى طائفة روحانية سرية ذات نزعة فلسفية هرمسية تدعى الصليب الزهري أو "روسيــكروسيانـيـسـم" نسبة لمؤسسها كريستيان روسينكريوز الذي توفى في 1484. وتدعو إلى التآخي بين النـاس، وترى أن الإنسان لدية طاقة أكبر ومن الممكن أن يستعملها ليصبح أفضل وأسعد. بحسب موقع صحيفة The Atlanta Journal-Constitution.

ولم يستقر سرحان في عمل واحد أبدا، بل مارس العديد من الأعمال البسيطة كالبيع في المتاجر الكبرى أو العمل بمضمار سباق حيث كان يتمنى أن يصبح فارسا وهو ما لم يتحقق أبدا.

اغتيال كينيدي

وفي 5 يونيو/حزيران عام 1968 وبعد أن ألقى كينيدي خطاب فوزه في كاليفورنيا والذي تحدث فيه عن حربه ضد الفقر والجوع في أمريكا والسلام في فيتنام أطلق النار عليه في مطبخ الفندق الذي كان يقيم به وكان في الثانية والأربعين من عمره.

وكان بعض العاملين في الفندق قد شاهد سرحان، الذي كان في الرابعة والعشرين من عمره، قرب المصعد أمام المطبخ وهو المسار الذي كان سيسلكه كينيدي. كما شهد أحدهم أنه شاهده في الفندق قبل الحادث بيومين.

وبحسب شهادات وردت في المحاكمة فإنه في الثالث من يونيو/حزيران عام 1968 أيضا قام سرحان سرحان بشراء مسدس من أحد متاجر السلاح، كما شوهد وهو يتدرب على استخدامه في نادي سان غابراييل فالي للسلاح في نفس اليوم.

ووفقا للشهود فإن كينيدي كان يصافح العاملين في الفندق، عندما اقترب منه سرحان مبتسما ليصيح "كينيدي يا ابن الزانية" ويبدأ في إطلاق النار.

وأصيب كينيدي بثلاث رصاصات الأولى في إبطه، والثانية في ظهره، والثالثة في رأسه من الخلف وراء أذنه اليمنى فسقط على الأرض وهو ينزف.

وصرخ سرحان: "دعوني أوضح، بوسعي التوضيح، لقد فعلت ذلك من أجل بلدي، فأنا أحب بلدي."

وقبل انتزاع المسدس من يده كان خمسة آخرون قد أصيبوا في الحادث.

مذكرة بخط يد سرحان

بعد الحادث عثر المحققون على مذكرة بخط يد سرحان في شقته والتي كشفت عن تصاعد غضبه ضد من وصفهم بالصهاينة وقد ورد اسم كينيدي بينهم، بل وحدد الخامس من يونيو يوما لقتله، وهو اليوم الذي شهد قبل عام من الحادث بداية حرب عام 1967 بين إسرائيل من جانب ومصر وسوريا والأردن من جانب آخر.

كان سرحان غاضبا من تأييد كينيدي لبيع طائرات حربية لإسرائيل وقد اتخذ قراره بقتله بعد سماع خطاب له في ربيع عام 1968 يعلن فيه دعمه بيع الطائرات الحربية لإسرائيل وقد كتب في مذكرته حينئذ "كينيدي لابد وأن يموت قبل 5 يونيو.. مت.. مت.. مت".

وتوفي كينيدي في المستشفى بعد مرور 24 ساعة على إطلاق النار عليه.

وتم دفن جثمانه في "مقابر أرلينجتون" بالقرب من جثمان أخيه جون كينيدي الذى أغتيل أيضا عام 1963.

ورفض سرحان التحدث أو تعريف نفسه حتى التاسع من يونيو/حزيران قبل أن يعترف بارتكابه الجريمة ورغم ذلك رفض الإقرار بالذنب في المحكمة.

وخلال المحاكمة دفع محاموه بأنه مختل عقليا، وزعم سرحان خلال المحاكمة أنه لا يذكر أي شيء عن إطلاق النار على كينيدي، مشيرا إلى أنه كان مخمورا في الليلة السابقة للحادث.

نظريات المؤامرة

ويرى مؤيدو نظرية المؤامرة أن سرحان مثل لي هارفي أوزوالد المتهم بقتل الرئيس الأمريكي جون كينيدي مجرد غطاء لقوى أخرى استخدمته لقتل المرشح الرئاسي.

وفي عام 2011 رفض طلب سرحان بالعفو، وكان محاموه قد زعموا في وثائق هذا الطلب أنهم تمكنوا من جعله يتذكر ما حدث من خلال قيام طبيب نفسي بتنويمه مغناطيسيا، مشيرين إلىأنه لم يقتل كينيدي وإنما شاهد من أطلق الرصاص على المرشح الرئاسي من الخلف، وأن فتاة أغوته للذهاب إلى موقع الحادث.

وكان فريق الدفاع قد قال عام 1969 إنه من المستحيل أن يقتله لأن الرصاصة القاتلة جاءت من الخلف وهو كان يقف أمام كينيدي.

وفي جلسة طلب عفو عام 2016 قال بول شريد، أحد الشهود الذين أدانوا سرحان عام 1969: "إنه يعتذر لسرحان لأنه لم يحاول مساعدته من قبل، فهناك ما يشير إلى وجود مسلح آخر في مطبخ الفندق في ذلك اليوم."

ومن بين نظريات المؤامرة تلك التي تتحدث عن تصفية الاستخبارات الأمريكية للشقيقين كينيدي.

كما تحدث تقرير إذاعي عن إطلاق 13 طلقة في الحادث في حين أن سعة مسدس سرحان 8 طلقات فحسب.

وكان روبرت كينيدي الابن نجل المرشح الرئاسي قد التقى سرحان في سجنه، وقد تحدث لصحيفة واشنطن بوست عن وجود مسلحين في مطبخ الفندق في تلك الليلة، مشيرا إلى أنه "ليس بوسعك إطلاق 13 رصاصة من مسدس سعته 8 رصاصات".

تحول نحو اليمين

يقول أستاذ التاريخ جيرمي سوري إن خسارة أصوات داعمة للسياسات الليبرالية التقليدية جعلت الساحة تخلو أمام ناقدين لها مثل ريتشارد نيكسون ورونالد ريغان.

وأضاف قائلا إن أمريكا كانت ستختلف بالتأكيد اليوم لو عاش كينيدي ولم تكن ستأخذ هذا التحول القوي نحو اليمين.

ومن جانبه يقول بن رايت، من مركز دولف بريسكو لدراسة التاريخ الأمريكي:" إن حادثة مثل اغتيال السيناتور كينيدي تكتسب أهميتها من حيث طرحها للعديد من الاحتمالات بشأن تأثيرها على تاريخ الولايات المتحدة."

ويقول جوليس ويتكوفر، وهو صحفي كان معنيا بتغطية حملة كينيدي:"كان المرشح الأوفر حظا ولو فاز كان سيعمل جاهدا على إعادة القيم الأمريكية التي سلبت باغتيال شقيقه وحرب فيتنام."

كما يقول البروفيسور بيتر إلدمان من جامعة جورج تاون: " باغتيال روبرت كينيدي خسرنا رئيسا كان سينهي حرب فيتنام بسرعة، ويعمل بقوة لتحقيق العدالة في ما يتعلق بقضايا الفقر والتفرقة العنصرية."

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن