تُشكل استعادة الطريق الدولي، الذي يعبر مدناً عدة من حلب شمالاً مروراً بدمشق وصولاً إلى الحدود الأردنية جنوباً، هدفاً رئيسياً لدمشق منذ فقدت السيطرة على أجزاء منه مع بدء توسع الفصائل المعارضة في العام 2012.
سيطرت القوات الحكومية السورية الثلاثاء على كامل الطريق الدولي حلب-دمشق بعد أسابيع من هجوم عسكري واسع بدعم روسي في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي كانون الأول/ديسمبر، بدأت قوات النظام بدعم روسي هجوماً واسعاً في في مناطق في إدلب وجوارها تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً، وتؤوي ثلاثة ملايين شخص.
وركزت قوات النظام هجومها بداية على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي ثم ريف حلب الجنوبي الغربي المجاور، حيث يمر الطريق الدولي "إم 5".
وبعد أسابيع من القصف والمعارك العنيفة على الأرض، سيطرت قوات النظام الأسبوع الماضي على الجزء من الطريق الذي يمر من محافظة إدلب ثم ركزت عملياتها على ريف حلب الجنوبي الغربي.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "سيطرت قوات النظام الثلاثاء على منطقة الراشدين الرابعة عند أطراف مدينة حلب الغربية، لتستكمل بذلك سيطرتها على كامل الطريق الدولي للمرة الأولى منذ العام 2012".
وفقدت دمشق السيطرة على أجزاء واسعة من هذا الشريان الحيوي منذ بدء توسع الفصائل المعارضة في البلاد في العام 2012، إلا أنها على مر السنوات الماضية، وبفضل الدعم الروسي أساساً، بدأت تستعيد أجزاء منه تدريجياً في جنوب ووسط البلاد وقرب العاصمة دمشق.
ولم يبق أمامها مؤخراً سوى الجزء الذي يمر من جنوب إدلب وصولاً إلى مدينة حلب من الجهة الغربية.
ومحافظة إدلب والأجزاء المحاذية لها مشمولة باتفاق روسي تركي يعود إلى العام 2018 نص على فتح طريقين دوليين يمران في المنطقة، بينهما طريق حلب-دمشق، وعلى إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل. إلا أن هيئة تحرير الشام لم تنسحب من المنطقة المحددة فيما استأنفت دمشق هجماتها على مراحل.
وتزامنت العملية العسكرية الأخيرة لقوات النظام مع توتر بين أنقرة ودمشق تخلله مواجهات بين الطرفين أسفرت عن سقوط قتلى.
محادثات بشأن إدلب
الى ذلك، قال مصدر دبلوماسي تركي الثلاثاء، إن فريقا روسيا زار أنقرة لبحث هجوم القوات الحكومية السورية على منطقة إدلب بشمال غرب البلاد غادر تركيا دون اتفاق فيما يبدو على سبل وقف اشتباكات أودت بحياة 13 جنديا تركيا خلال أسبوع.
كان الروس قد وصلوا إلى أنقرة السبت بعد أيام من هجوم شنته القوات السورية في إدلب وأسفر عن مقتل ثمانية جنود أتراك. وقصفت تركيا أهدافا سورية فيما بعد في أحد أخطر الاشتباكات بين الجانبين منذ اندلاع الحرب السورية قبل قرابة تسع سنوات.
وبينما كان المسؤولون الأتراك والروس يواصلون محادثاتهم يوم الاثنين، وقع هجوم ثان على القوات التركية في منطقة تفتناز في إدلب مما أسفر عن مقتل خمسة جنود أتراك بعد أن أرسلت أنقرة آلاف الجنود للتصدي للهجوم السوري.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن المسؤولين الروس أجروا محادثات في وزارة الخارجية التركية يوم السبت واتفقوا على الاجتماع مع الأتراك مرة أخرى يوم الاثنين بعد الإخفاق في التوصل لاتفاق. وأجرى الروس محادثات أيضا مع مستشار للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت الرئاسة التركية في بيان عقب الاجتماع إن أنقرة أبلغت الوفد الروسي الزائر بضرورة وقف الهجمات على المواقع التركية بشمال غرب سوريا فورا وبأن مثل هذه الهجمات لن تمر دون رد.
ودفع التقدم السريع للقوات الحكومية السورية في إدلب، آخر معقل كبير لمقاتلي المعارضة، قرابة 700 ألف شخص إلى النزوح عن بيوتهم والاتجاه صوب الحدود التركية المغلقة. وتقول تركيا التي تستضيف بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري إنه لا يمكنها استيعاب المزيد.
وتساند أنقرة مقاتلي المعارضة الساعين للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم موسكو وطهران الأسد. وقالت تركيا إنها مستعدة لشن عمل عسكري لوقف تقدم القوات السورية. وتقول موسكو ودمشق إنهما تحاربان الإرهابيين في إدلب التي يسيطر مقاتلون جهاديون على أجزاء كبيرة منها.
وترأس أردوغان اجتماعا أمنيا مع قادة الدفاع يوم الاثنين لبحث الخطوات التي قد تتخذها تركيا أمام الهجمات على قواتها وقالت الرئاسة إن أنقرة أعادت تأكيد عزمها على وقف الاشتباكات وأي موجات جديدة من المهاجرين في إدلب.