بسام العنتري <?XML:NAMESPACE PREFIX = O />
قد يُعد من باب التخذيل القول بان حماس التي سيَصمُ التاريخ حقبة حكمها للفلسطينيين بانها كانت "دموية"، انما هي أشبه بحزب الله في مراهنته بالابرياء في المواجهة "العبثية" مع اسرائيل.
لكن واقع الحال يؤكد هذه المقارنة.
ألم يعلن حزب حسن نصرالله من بين الاطلال ومئات الجثث في لبنان، انتصاره "الرباني" على اسرائيل؟
وحركة خالد مشعل، اليست تطل علينا الان من بحيرة الدم في غزة مبشرة بنصر "الهي" على الحصار؟
هنا سأتحدث في شأن حماس مع اسرائيل، اما حزب الله، فأكل أمره الى الله وشاكيه اليه من اللبنانيين.
نحو ثمانين فلسطينيا قتلوا على مذبح صراع حماس للبقاء في السلطة، وشعب باكمله لا يزال يعاني الامرين من حصار دولي فرض لاجبار حكومتها على الاعتراف باسرائيل.
لكن حماس لم تتزحزح "قيد انملة" عن مواقفها، وتصر على قتال "الانقلابيين" ومواجهة الحصار، ربما حتى آخر فلسطيني.
وحتى بعد اتفاقها في مكة على تشكيل حكومة وحدة مع منافستها حركة فتح، لا تزال حماس تؤكد ان الحكومة التي يجري تشكيلها لن تعترف باسرائيل.
معنى هذا ان المحادثات التي خاضتها حماس مع فتح لم تكن سوى "لف ودوران" ارادت الحركة الاسلامية منه تخدير فتح والفلسطينيين والعالم، في مسعى لكسب الوقت أملا في حصول معجزة تفتت الحصار!
ولطالما كانت حماس تتقن اللف والدوران حول القضايا الجوهرية كما يفعل المشايخ ضعيفو التفقه امام المسائل الشرعية الجدلية.
الواقع يقول ان حماس اشبه بورقة تعتقد ان في مقدورها الوقوف في وجه الاعصار الدولي الضاغط باتجاه الاعتراف باسرائيل.
وهي تغلف هذا الاعتقاد بمعطيات دينية اعجازية، تماما كما فعل حزب الله، ومن يخالف فهو "منكر آثم" للحتميات العقدية، من مثل الانتصار على اليهود بعد تجمعهم "غربي النهر".
يكفي. على حماس ان تخرج من معتكفها، او ان تخرج من اللعبة، لانها اصبحت دموية ومأساوية اكثر من اللازم.
بامكان حماس ان تشرعن الاعتراف باسرائيل وان تحلله، تماما كما فعلت عندما شرعنت وحللت المشاركة في الانتخابات التشريعية في "سلطة اوسلو" بعدما كانت تعدها محرمة.
وحماس تملك مثل هذه المرونة والبراغماتية. لكن ما اخشاه انها ربما لم تعد تملك الارادة، وان ارادتها باتت رهنا بيد غيرها!
واذا كانت لا تزال سيدة نفسها كما تؤكد، فعليها تفعيل براغماتيتها، وبما يكفل وقف ولوغ الفلسطينيين في دماء بعضهم وانهاء حصار التجويع المفروض عليهم.
وهنا اقول بملء الفم لحماس: بربك خلصينا واعترفي باسرائيل.
في ظل المعطيات الاقليمية والدولية، ستكسب حماس والفلسطينيون اكثر مما سيخسرونه من اعترافها باسرائيل التي هي امر واقع لا ينكره حتى خالد مشعل.
أقله، سيتوقف سفك الدم بين الفلسطينيين وسيتفرغون لمواجهة المحتل الماضي دون رادع في مخططاته لتهويد القدس وقضم الارض في الضفة الغربية.
طبعا هناك مطلبان اخران يصر العالم على ان تفي بهما أي حكومة فلسطينية مقبلة، وهما نبذ العنف والاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين اسرائيل ومنظمة التحرير.
وهذان ثانيهما سيستتبع الاعتراف باسرائيل، اما اولهما، فستتم المجادلة بانه لا يتحقق بين يوم وليلة ودون مقابل، واسرائيل تدرك ذلك وتخشاه.
نبذ العنف في عرف اسرائيل يعني تفكيك المنظمات المسلحة. ولا ارى في هذا ما يضر، بل فيه تعزيز للمكاسب، خصوصا اذا ما انخرط المسلحون في القوات الرسمية، واعفوا الشوارع من التوتر والمخاطر التي يخلقها وجودهم فيها وليس اقلها ما رايناه مؤخرا من اشتباكات دامية.
ماذا ستخسر حماس ان هي اعترفت باسرائيل؟ هي ستخسر بعض شعبيتها، ولكنها قادرة على استعادتها سريعا نظرا لطبيعتها كحركة اسلامية تعمل بين الناس وتتغلغل مؤسساتها في اوساطهم.
هل ستخسر شيئا اخر؟ نعم، حلفها مع قوى اقليمية جيرت قضية الفلسطينيين لحسابها واسمعتهم جعجعة صمت الاذان دون ان تملأ البطون، وهذه خسارة باعتقادي لا يؤسف لها، بل تندرج ضمن المكاسب.