اكد المفكر الفلسطيني سلامة كيلة الخميس تعرضه للضرب والتعذيب اثناء اعتقاله في سوريا قبل ابعاده الى الاردن على خلفية مقالات كتبها ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
وقال كيلة (57 عاما) لوكالة "فرانس برس": "اعتقلت في 23 نيسان (ابريل) الماضي ولمدة ثلاثة اسابيع تعرضت خلالها للضرب والاهانة والشتم من قبل الأمن السوري".
واضاف: "ابعدت بشكل مفاجىء الى الاردن صباح الاثنين الماضي على الارجح، على خلفية كتابتي مقالات ضد النظام وموقفي من السلطة والثورة، الا ان السلطات هناك لم تذكر سببا مباشرا".
واشار كيلة، الذي يحمل الجنسية الاردنية، الى انه يتعالج في احد مستشفيات عمان "من آثار كدمات ورضوض تعرضت لها اثر الضرب والتعذيب اثناء اعتقالي في سوريا".
ويؤكد: "كنت اتعرض للضرب المبرح واحيانا اشعر بدوار واسقط ارضا وكانوا يتابعون ضربي وتهديدي".
وكان المرصد السوري لحقوق الانسان ندد الثلاثاء بـ"الوحشية الشديدة" التي تتعامل بها الاجهزة الامنية السورية مع معتقلين لديها، بينهم كيلة الذي تعرض "لتعذيب شديد" قبل ابعاده من سوريا.
ووزع صورا لكيلة تبدو فيها آثار رضوض قوية وحروق على ذراعيه وساقيه اثر تعرضه "لتعذيب شديد ادى لنقله الى مستشفى تشرين وتحديدا الطابق السادس الذي يعتبرا عمليا فرعا طبيا للاجهزة الامنية يتم نقل ضحايا التعذيب اليه عندما يصلون الى مرحلة ما قبل الموت ولا يكون النظام راغبا في موتهم"
من جانبه، قال كيلة "نقلت في 3 ايار (مايو) الى فرع امني ثان استقبلني بشكل افضل وسمح لي بالاستحمام وتغيير ملابسي وفحصني طبيا وكتب تقريرا بتعرضي للتعذيب وحولني الى المستشفى".
الا ان "وضع المستشفى كان مزريا ورائحتها بول وبراز، لان الأمن هناك كان يمنعنا من الذهاب للحمام ويربطنا الى السرير ونتعرض للضرب يوميا".
وسلامة كيلة من مواليد مدينة بير زيت في فلسطين العام 1955، حائز على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة بغداد العام 1979.
وهو ناشط في المجتمع المدني، وسبق أن اوقف مرات عدة في سوريا سجن في احداها لمدة ثماني سنوات، وهو يكتب في العديد من الصحف والمجلات العربية.
وقد نددت منظمات عدة للدفاع عن حقوق الانسان بممارسات التعذيب في حق المعتقلين في السجون السورية منذ بدء الحركة الاحتجاجية في منتصف آذار (مارس)2011.
وروى كيله لموقع CNN بالعربية، مشاهدات تعذيب وإساءات لمعتقلين من الثوار والمناهضين للنظام خلال تواجده بالمستشفى العسكري لتلقي العلاج، وقال: "إن التحول المتوقع في بنية النظام السياسي، سيأتي بنشوء تحالف سياسي بين الطائفة العلوية والجيش السوري وجهاز اﻷمن، في الوقت الذي تحكم المخابرات الجوية قبضتها على البلاد، وتمارس أقسى أنواع القمع دون تردد."
واعتقل كيلة، الذي عمل في المقاومة الفلسطينية وباحثا في الفكر الماركسي، وقضى 8 سنوات في السجون السورية، على خلفية نشاطه عبر شبكة الانترنت مع ناشطين سوريين، فيما تعرض للضرب والشتم على أيدي المحققين لكتابته منشور سياسي حول رؤيته بأن تحرير فلسطين سيبدأ من إسقاط النظام.
وقال كيلة، 57 عاما، الذي ما تزال علامات الضرب تغطي ساقيه، إن عمليات تعذيب مستمرة مورست بحق المرضى في المستشفى العسكري بالمزة وهم جميعا من المعتقلين السياسيين الناشطين.
وقال كيلة:" لم يكن يسمح لنا بالتبول، وكنا ننام على السرير الواحد اثنين أو ثلاثة.. وكنا نبول على أنفسنا وكانت غرفة المستشفى مليئة برائحة البراز والبول.. ولهذا، بقيت دون شرب ماء حتى لا أضطر للتبول، فأصابني الإعياء حتى أنني لم أعد أستطيع المشي."
وحول ظروف تواجده في المستشفى قال: "كنا نضرب بشكل يومي، وبدأ ضربي بعد يومين من وصولي إلى المستشفى.. وأنا في الغرفة توفي اثنان أحدهما مريض نفسي ضرب حتى الموت."
وبحسب كيلة، فإنه انتقل بعد ذلك إلى عدة مراكز أمنية بعد أن أبلغ بوجود قرار لإبعاد إلى الأردن، حيث تبين أنه مطلوب أيضا للأمن الجنائي على خلفية حوارات سياسية عبر شبكة الانترنت.
وسياسيا، يرى كيلة بأن ما يجري على الأراضي السورية هي ثورة حقيقية "للجياع"، مؤكدا بأن أطراف مدينة دمشق جميعها في حالة فلتان، وأن الحراك الشعبي في سوريا ما يزال قويا.
وقال:" للأسف الأخبار التي يتم تناقلها في الإعلام تبقى سطحية وشباب المعارضة يواجهون الرصاص بكل قوة وجبروت.. النظام حاول التشويه ليحافظ على نفسه، لكن الشعب صامد ولن يتراجع."
وفيما أكد كيلة بأن المخابرات الجوية هي المسيطرة على الوضع اﻷمني والسياسي، وأنها لا تترد في قتل وتعذيب أي معارض أو مناهض للنظام، في الوقت الذي بدأ فيه الوضع الاقتصادي بالانهيار "نتيجة سياسات النظام السوري المافيوي الذي احتكر الاقتصاد،" بحسب تعبيره.
أما عن حقيقة وجود عصابات مسلحة مناهضة للنظام، فأشار إلى أن المخابرات الجوية تملي على المعارضين إفاداتهم بالتحقيق بعد تعرضيهم لمختلف أنواع التعذيب.
ولفت كيلة إلى أن "الشباب العفوي" في سوريا هم من يقف وراء الثورة، وأن لا معارضة مأطرة في جبهة، ﻷن النظام استطاع أن "يكسر كل اﻷطر المعارضة".
إلى ذلك، رأى كيلة بأن النظام السوري سينهار من الداخل وأن بنيته ستشهد تحولا من شأنه أن يفرز "صراعا سياسيا بدلا من الدموي،" وأن تحالفات ستنشأ بين الجيش السوري وجهاز اﻷمن الذي بدأت الانشقاقات تتسع فيه، من خلال فتح أفق مع المعارضة.
وقال كيلة إن التحالف ستدعمه الطائفة العلوية في البلاد، معتبرا أن هذا التحول سيكون نهاية "الإسلاميين" الذين لا يملكون حلولا للأزمة،" وفقا له.
وجدد كيلة موقفه السابق من رفضه للمعارضة السورية في الخارج، قائلا "إنها معارضة فاشلة تستحضر التجربة الليبية، التي أدرك الليبيون بعدها بأن من تولى السلطة في النظام الجديد لا يمثلونهم."
ورأى كيلة، الذي تأسست عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم قضيته بعد اعتقاله بسوريا، أيضا بأن التغيير من الخارج" انتهى،" وأن الانتفاضة في سوريا، كما يسميها، " كلما تطورت سيدفع ذلك بالتغيير،" مشيرا إلى مقاربة التطورات اللاحقة في سوريا بالتجربة المصرية.
ويتمسك كيلة بفكرة بأن النظام السوري" لم يكن يوما حاميا للقضية الفلسطينية"، وأنه استغل "اللعب على المتناقضات" السياسية ، حتى أصبح " نظاما ليبراليا مافيويا عائليا بهوى أمريكي."
وقال:" إن النظام السوري لديه خلاف مع الأمريكيين لكنه ليس معاديا لهم والمسألة خلاف شكلي لكنه أسس نظاما ليبراليا نهب البلد واحتكر الاقتصاد .. ومنذ عام 2000 انشأ علاقات مع تركيا سرعان ما تغيرت واقترب من إيران وروسيا وقدم في وقت سابق قليلا من الدعم لحماس كما أنه فتح مسارات تفاوض مع الإسرائيليين في وقت سابق."
وندد كيلة بموقف التيار القومي واليساري في المنطقة والأردن، قائلا :" إنهم سيكتشفون يوما بأنهم كانوا يدافعون عن نظام مجرم."
وعند سؤاله فيما إذا كان يرغب بالاستقرار في العاصمة عمان أو غيرها من العواصم العربية، قال:" سأنتظر العودة إلى دمشق."