المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن هدنة طويلة تدخل منعطفا حاسما

تاريخ النشر: 04 أغسطس 2018 - 03:41 GMT
يوفال شتاينتس: اعتقادي الشخصي هو أننا في طريقنا إلى ترتيب طويل الأمد مع حماس
يوفال شتاينتس: اعتقادي الشخصي هو أننا في طريقنا إلى ترتيب طويل الأمد مع حماس

تنكب كل من حركة حماس وإسرائيل على دراسة المقترحات المصرية المدعومة من الأمم المتحدة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة.

وهذه ليست المبادرة الأولى للتهدئة بين الجانبين، بيد أنها تحظى بزخم كبير لجهة وصول الطرفين إلى قناعة بأن عدم التوصل إلى تسوية سيعني الدخول في حرب لا يبدو الطرفان مستعدين لها، أو راغبين بها.

وذكرت مصادر في حماس أن المكتب السياسي للحركة بدأ الجمعة اجتماعات في غزة بحضور كامل أعضائه للمرة الأولى لبحث المقترحات التي عرضتها القاهرة والأمم المتحدة. وكان المكتب السياسي لحماس عقد آخر اجتماع له في القاهرة في أكتوبر 2017 في إطار لقاءات المصالحة بين الحركة وفتح.

ويشارك نائب رئيس حماس صالح العاروري المقيم في لبنان في الاجتماعات التي تنتهي السبت، وكان العاروري وصل إلى غزة مساء الخميس يرافقه ثمانية أعضاء من المكتب السياسي في الخارج.

وذكر مسؤول فلسطيني أنها “المرة الأولى” التي يدخل فيها العاروري إلى القطاع “عبر معبر رفح الحدودي مع مصر بعد أن كان ممنوعا من سلطات الاحتلال، وذلك بضمانات من القاهرة والأمم المتحدة”، في إطار الجهود للتوصل إلى تفاهم حول تهدئة يمكن أن تستمر خمس سنوات مقابل رفع الحصار كليا.

وقاد العاروري وفد الحركة في الاجتماع الأخير مع مسؤولين في المخابرات المصرية في القاهرة هذا الأسبوع، قبل أن يتوجه إلى قطاع غزة لبحث كل من ملفي المصالحة الفلسطينية والتهدئة مع إسرائيل.

وما كان للعاروري الذي كان معتقلا لدى إسرائيل حتى العام 2007 ليدخل القطاع دون ضوء أخضر إسرائيلي.

وتتهم إسرائيل نائب رئيس حماس بـ”تنسيق عمليات أمنية مسلحة في الضفة الغربية” بطلب من كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري للحركة، التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007، والتي خاضت ثلاثة حروب مع إسرائيل.

وتقول الاستخبارات الإسرائيلية إن العاروري الذي مكث لسنوات في تركيا، كان يوجه تعليمات بتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية من هذا البلد.

ويرى محللون أن السماح للعاروري بدخول غزة يعكس في واقع الأمر دخول المفاوضات حول التهدئة منعرجا حاسما، وأن إسرائيل جادة هذه المرة في التوصل إلى تسوية.

وألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة إلى كولومبيا الأسبوع المقبل، على خلفية تقدم الاتصالات مع حماس.

ومن المقرر أن يترأس نتنياهو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن، الذي يعقد الأحد جلسة خاصة لبحث المبادرة المصرية.

وتبدو إسرائيل جادة في التعاطي مع هذه المبادرة حيث أن من صالحها التوصل إلى تهدئة لسنوات مع حماس في قطاع غزة، للتركيز على الجبهة الشمالية والتهديدات الإيرانية التي توليها أهمية قصوى.

وتسعى إسرائيل بالواضح لتحييد حماس عن الصراع الدائر بينها وبين طهران، وتدرك حكومة نتنياهو أن بقاء جبهة غزة مفتوحة لا يخدم أهدافها في مواجهة التهديد الإيراني.

وصرح وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” هذا الأسبوع، “اعتقادي الشخصي هو أننا في طريقنا إلى ترتيب طويل الأمد مع حماس، بالتعاون ما بين مصر والأمم المتحدة وإسرائيل”.

وأعرب عضو المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية عن تأييده “لهكذا ترتيب دون الكشف عن التفاصيل”. وأشار إلى أن الأمر مطروح على طاولة الحكومة الإسرائيلية منذ عدة أشهر.

وقال مسؤولون من حماس والأمم المتحدة إن مثل هذه التهدئة يمكن أن تشمل وقفا طويل الأمد للأعمال العدائية بين إسرائيل وحماس يتراوح بين خمس وعشر سنوات مقابل تخفيف ملحوظ للحصار البري والبحري الذي تفرضه إسرائيل على القطاع.

يوفال شتاينتس: اعتقادي الشخصي هو أننا في طريقنا إلى ترتيب طويل الأمد مع حماس

وذكر مصدر فلسطيني أن هذه التهدئة ستؤدي إلى “إنهاء أزمتي الكهرباء والمياه في قطاع غزة والسماح بإدخال كافة البضائع والسلع عبر معبر كرم أبوسالم (كيريم شالوم) وتحسين آلية العمل في معبر رفح” الحدودي مع مصر.

وتخيم أجواء من التفاؤل الحذر تجاه توصل الجانبين إلى التهدئة الموعودة، بيد أن ذلك لا ينفي وجود عراقيل، فحركة حماس تطالب برفع كلي للحصار، وأيضا بفصل ملف الأسرى الإسرائيليين عن موضوع التهدئة، وهو ما ترفضه حكومة نتنياهو.

ونقلت صحيفة “معاريف” العبرية، عن مصادر بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، الجمعة، أن الخلافات بين إسرائيل وحماس مازالت كبيرة للغاية، لذا فإن فرص التصعيد العسكري تبقى أكبر من فرص التوصل إلى تسوية.

وقبلت حماس وإسرائيل في يوليو الماضي تهدئة مؤقتة عرضتها مصر وبموجبها تم تجنب تصعيد عسكري واسع النطاق، على خلفية تفاقم ظاهرة البالونات والطائرات الورقية الحارقة التي تطلق من قطاع غزة صوب إسرائيل، وكادت تشعل مواجهة بين الطرفين.

ورغم حرص حماس على وقف إطلاق البالونات والطائرات الحارقة، التي كبدت إسرائيل خسائر فادحة، بيد أنه حصلت في الأيام الأخيرة حوادث متفرقة حاول مسؤولون في اليمين الإسرائيلي توظيفها للدفع نحو عملية عسكرية واسعة في القطاع لكن الأصوات التي تدعو إلى التهدئة تبدو هي المسيطرة حاليا، لجهة التكاليف الباهظة لمثل هذه العملية، فضلا عن أن توقيتها غير ملائم لجهة وجود تحديات داخلية وأيضا على الجبهة الشمالية الأمر الذي لا يحتمل أي مغامرة. ويقول متابعون إن العراقيل لا تقتصر فقط على مطالب الطرفين حيث هناك موقف السلطة الفلسطينية التي لا تبدو متحمسة لرفع الإجراءات العقابية عن القطاع قبل تمكين حكومة الوفاق.

وذكرت مصادر مؤخرا أن مسؤولين في المخابرات المصرية وجهوا نصائح للسلطة بعدم عرقلة جهود المصالحة أو التهدئة مع إسرائيل في ظل وجود قناعة دولية بضرورة معالجة أزمة قطاع غزة وتحسين وضعه الكارثي. وكانت إسرائيل أعادت الخميس تشديد الحصار على قطاع غزة ومنعت تسليم شحنات الوقود للفلسطينيين عبر معبر كرم أبوسالم ردا على الطائرات الورقية الحارقة.

ومنذ 30 مارس الماضي يسود توتر على حدود قطاع غزة عندما بدأ الفلسطينيون بتنظيم “مسيرات العودة” لتأكيد حق اللاجئين بالعودة، وللمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ صيف 2006.