عزّزت الشرطة الإسرائيلية وجودها في المدينة القديمة في القدس، بعدما أثار ترامب حفيظة الفلسطينيين بخطته للسلام المثيرة للجدل، إلا أن صلاة الجمعة في المسجد الأقصى مرّت بهدوء.
اعتبرت وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) الجمعة ان خطة السلام للشرق الاوسط التي اعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب احدثت "صدمة" في صفوف الفلسطينيين، مبدية خشيتها من "تصعيد اعمال العنف".
وقال المفوض الاعلى بالوكالة لاونروا كريستيان سوندرز في مؤتمر صحافي في جنيف "اعتقد ان كثيرين، كثيرا من الفلسطينيين يعيشون صدمة في هذه اللحظة اثر اعلان خطة ترامب للسلام".
واضاف "نخشى ان يؤدي ذلك الى تصعيد للمواجهات والعنف".
واعلن ترامب الثلاثاء خطته للسلام التي تصب في مصلحة اسرائيل وتتيح لها خصوصا ضم أراض محتلة متجاوزة القانون الدولي. وسارع المسؤولون الفلسطينيون الى رفض هذه الخطة.
واعتبر سوندرز ان "الخطة التي اعلنت هذا الاسبوع تثير خصوصا قلق اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال، تحت الحصار، وعايشوا العديد من النزاعات والازمات"، مطالبا بسماع صوت الفلسطينيين بهدف ايجاد حل "دائم" للنزاع.
تأسست اونروا العام 1949، وهي تدير مدارس وتقدم مساعدات حيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الاردن ولبنان وسوريا والاراضي المحتلة. وتوظف نحو ثلاثين الف شخص معظمهم فلسطينيون.
وخلال زيارته جنيف، وجه سوندرز الجمعة نداء لجمع 1,4 مليار دولار (1.3 مليار يورو) من اجل عمليات الوكالة خلال هذا العام والتي تشمل 5,6 ملايين من اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الاوسط.
واوقفت ادارة ترامب الدعم المالي للوكالة منذ اكثر من عام معتبرة ان لا سبب لاستمرارها في شكلها الراهن.
صلاة الجمعة تمر بهدوء
عزّزت الشرطة الإسرائيلية وجودها في المدينة القديمة في القدس، بعدما أثار ترامب حفيظة الفلسطينيين بخطته للسلام المثيرة للجدل، إلا أن صلاة الجمعة في المسجد الأقصى مرّت بهدوء.
واعتُبرت الخطة التي أُعلنت الثلاثاء منحازة بشدّة لإسرائيل وقوبلت برفض من الفلسطينيين، إذ كانت أبرز النقاط الخلافية فيها تصنيفها للقدس على أنها عاصمة "لا تقسّم" للدولة العبرية.
ولطالما رأى الفلسطينيون في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل سنة 1967 عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وسرت مخاوف من احتمال تصاعد حدة التوتر صباح الجمعة عندما تظاهرت مجموعة من الفلسطينيين في حرم الأقصى في القدس الشرقية بعد صلاة الفجر.
وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد إن مجموعة من الفلسطينيين الذين تجمّعوا عقب صلاة الفجر في حرم الأقصى "بدأوا مسيرة بهتافات قومية".
وأضاف أن "الشرطة ردّت وفرّقت التجمّع".
لكن صلاة الجمعة التي شهدت حضور أكثر من 30 ألف فلسطيني في المسجد الأقصى مرّت بدون تسجيل أي حوادث، بحسب ما أفاد مسؤولون دينيون ومراسلو فرانس برس.
ولطالما شكّلت صلاة الجمعة مناسبة لخروج تظاهرات.
ويعتبر الحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى من أبرز المواضيع المثيرة للحساسيات في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وأفاد روزنفيلد أن الإجراءات "الأمنية المشددة" ستتواصل في أنحاء المدينة القديمة بينما "سترد وحدات الشرطة عند الضرورة".
وأعطت الخطة الأميركية إسرائيل الضوء الأخضر لضم غور الأردن -- المنطقة الاستراتيجية التي تشكّل 30 في المئة من مساحة الضفة الغربية -- والمستوطنات المبنية في الضفة الغربية التي بات عددها يتجاوز 200 حاليًا بما فيها تلك التي في القدس الشرقية المحتلة.
وتضم المستوطنات نحو 600 ألف إسرائيلي لكّنها تعد غير شرعية بموجب القانون الدولي.
ومباشرة بعدما عرض ترامب الخطة بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى جانبه، قال مسؤولون إنهم سيقدّمون بشكل سريع الأحد مشروع قانون بشأن ضم الأراضي المذكورة إلى الحكومة.
لكن الوضع بدا أقل وضوحًا الجمعة، بعدما قال مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر إنه سيكون من الأفضل تأجيل القرار إلى ما بعد تشكيل حكومة جديدة في أعقاب الانتخابات العامة المقررة في الثاني من آذار/مارس.
- تظاهرات في غزة وضواريخ -
وصرّح نائب المفوض العام بالإنابة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين كريستيان ساوندرز الجمعة أن الفلسطينيين في "حالة صدمة" إزاء الخطة الأميركية.
وأضاف "بالتأكيد لدينا مخاوف جدّية من أنها قد تتسبب بتصعيد في المواجهات والعنف".
وأسفرت مواجهات بين المتظاهرين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في الضفة الغربية عن إصابة نحو 30 شخصًا بجروح منذ الثلاثاء، رغم أن التظاهرات كانت صغيرة بمعظمها.
وفي غزّة، الخاضعة لسيطرة حماس، شارك الآلاف في تظاهرات خرجت هذا الأسبوع.
وارتدى كثيرون شارات كتب عليها "لا لصفقة القرن"، وهو الاسم الشائع لخطة ترامب.
وأُطلقت بعض الصواريخ من غزّة باتّجاه إسرائيل، لكنها لم تكن بكثافة الصواريخ التي أُطلقت خلال مواجهات عدّة وقعت العام الماضي.
ونفّذت إسرائيل ضربات جوية استهدفت مواقع لحماس في غزة في وقت مبكر الجمعة بعد إطلاق ثلاثة صواريخ منها في الليلة السابقة، في هجمات لم تتسبب بسقوط ضحايا أو وقوع أضرار، بحسب الجيش.
وبعد ظهر الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي أن ثلاث قذائف هاون أُطلقت من غزّة باتّجاه إسرائيل، ما استدعى ضربة انتقامية نفّذتها مدرّعة واستهدفت "موقعًا عسكريًا تابعًا لحماس" في جنوب القطاع.
وذكر الجيش أن منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية اعترضت إحدى القذائف. ويشتبه بأن القذيفتين الأخريين سقطتا في أرض خلاء. ولم يسجّل وقوع أي إصابات.
وخاضت حماس وإسرائيل ثلاث حروب منذ العام 2008، لكن توصّلت حماس بشكل تدريجي إلى ما يشبه هدنة غير رسمية مع إسرائيل، خففت الدولة العبرية على إثرها بشكل طفيف الحصار المفروض على غزة مقابل التهدئة.
- إردوغان يتّهم دولاً عربية بـ"الخيانة" -
وسعى الفلسطينيون لحشد الدعم الدولي ضد الخطة التي يرونها غير شرعية ويعتبرون أنها تشكّل انتهاكًا لحقوقهم.
وصرّح أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات "ما نحاول القيام به هو الحصول على توافق دولي داعم لنا وللرئيس محمود عباس ولعزمه على تحقيق السلام".
ولم تصدر ردود فعل كثيرة داعمة لموقف السلطة الفلسطينية، بما في ذلك من الدول العربية، وسط تنديد من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
واتهم إردوغان الجمعة بعض الدول العربية بـ"الخيانة" عبر البقاء "صامتة" ازاء خطة ترامب.
وقال في أنقرة إن "الدول العربية التي تدعم مثل هذه الخطة إنما ترتكب خيانة حيال القدس وكذلك حيال شعوبها والأهم من ذلك حيال كل الإنسانية".
وأضاف "السعودية بشكل خاص صامتة. متى ستوصلين صوتك؟ سلطنة عمان والبحرين الأمر نفسه. حكومة أبوظبي تصفق. عار عليكم! عار عليكم!".
وامتنعت مصر ودول الخليج عن عن انتقاد حليفتها واشنطن فوراً، فأشارت إلى أنها ستدرس تفاصيل الخطة.
ويذكر أن بعض هذه الدول حققت تقاربا هادئا مع إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، في ظل العداء المشترك لإيران.
ومن المتوقع أن يحاول الرئيس الفلسطيني محمود عباس حشد مواقف معارضة للخطة خلال اجتماع وزاري طارئ للجامعة العربية السبت في القاهرة.