اعلنت دول غربية بعد موجة طرد لدبلوماسيين سوريين عقب مذبحة الحولة، انها لا تستبعد التدخل العسكري ضد نظام الرئيس بشار الاسد، فيما تعقد الدول العربية اجتماعا على مستوى وزاري السبت بحضور الموفد الدولي والعربي كوفي عنان لبحث الوضع في سوريا.
وقالت استراليا الاربعاء انها مستعدة لاجراء مشاورات حول تدخل عسكري في سوريا ضد نظام بشار الاسد.
وقال وزير الخارجية الاسترالي بوب كار: ان بلاده ستبحث الاقتراح الفرنسي بتدخل عسكري.
وتدارك كار امام الصحافيين: "لكننا نحتاج الى اجماع داخل مجلس الامن ليحصل ذلك، وعلينا ان نأخذ في الاعتبار انتقادات الصينيين والروس، وهذا حقهم، لكيفية حصول هذا التدخل في ليبيا".
وكانت استراليا اول بلد غربي يعلن الثلاثاء طرد دبلوماسيين سوريين في غضون 72 ساعة ردا على مجزرة الحولة التي خلفت 108 قتلى على الاقل. وعلى الاثر، اتخذ الاوروبيون والاميركيون والكنديون قرارات مماثلة.
واتخذت كندا وفرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا والمملكة المتحدة خطوات مماثلة في حق الدبلوماسيين السوريين في تلك الدول في اطار اجراء منسق.
ورأى كار ان تسليح المعارضين السوريين ينطوي على صعوبات فعلية ونظام بشار الاسد "سيعتبر ذلك ضوءا اخضر لارتكاب مجازر جديدة بحق معارضين سياسيين، اكثر شراسة من سابقاتها".
وشدد على الصعوبات اللوجستية لتسليح المعارضين واقامة منطقة حظر جوي في بلد "يملك انظمة دفاع جوية مهمة وجيشا اقوى بكثير من الجيش الليبي".
وذكر بان الولايات المتحدة رفضت تدخلا عسكريا بريا في ليبيا.
وقال ايضا: "لا استبعد مشاورات حول هذا الموضوع لكنني اعتقد صادقا ان علي ان اشارككم التحفظات التي ستصدر".
واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الثلاثاء ان "التدخل المسلح في سوريا ليس مستبعدا" بعد "مجزرة" الحولة، شرط ان يتم "بعد مناقشته في مجلس الامن".
واعلن الرئيس الفرنسي ايضا ان "مؤتمر اصدقاء سوريا" سيعقد مطلع تموز/يوليو في باريس بهدف تعزيز موقع المعارضة السورية لكي تكون قادرة "على الحلول مكان النظام".
ومن جهته، قال البيت الابيض الثلاثاء إنه لا يعتقد ان التدخل العسكري في سوريا امر صائب في الوقت الحالي لانه سيؤدي الى مزيد من الفوضى والمذابح.
لكن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قال في افادة إن الولايات المتحدة لم تستبعد أي خيارات - بما في ذلك العمل العسكري - فيما يتعلق بالازمة السورية.
وقالت نولاند للصحفيين في اشارة الى ميليشيا موالية للحكومة "اتخذنا هذا الاجراء ردا على المذبحة التي وقعت في قرية الحولة - المذبحة الحقيرة والخسيسة التي لا يمكن الدفاع عنها ضد أطفال ونساء ابرياء اطلق عليهم الرصاص من مسافة قريبة من جانب بلطجية النظام الشبيحة."
وفي بيان منفصل وصفت نولاند هجوم يوم الجمعة على بلدة الحولة بأنه "هجوم شائن استخدمت فيه الدبابات والمدفعية وهي اسلحة لا يملكها إلا النظام."
واضافت قولها "ترددت أيضا أنباء ان قوات النظام أعدمت بشكل فوري عائلات كثيرة في منازلهم."
وقالت "نحن نعتبر الحكومة السورية مسؤولة عن هذه المذبحة التي تعرض لها ابرياء" ووصفت هجوم الحولة بأنه "أوضح لائحة اتهام حتى الآن" لرفض دمشق تنفيذ قرارات الامم المتحدة التي تدعو الى حل سلمي للصراع.
وتأمل الدول الغربية التي تطالب الاسد بالتنحي ان تحول مجزرة الحولة الرأي العام العالمي خاصة في روسيا الحامية الرئيسية لسوريا تجاه تحرك اكثر فاعلية ضد دمشق وربما في صورة عقوبات للامم المتحدة.
وفي حين فرضت الدول الغربية والعربية عقوبات اقتصادية احادية على سوريا تعرقل روسيا والصين اي تحرك مماثل في الامم المتحدة.
وانتقد مندوب روسيا الدائم لدى الاتحاد الاوروبي فلاديمير تشيجوف قيام الغرب بطرد سفراء سوريا مشيرا الى اهمية "الابقاء على الحوار مع الجانب الآخر."
ونقل المبعوث الدولي كوفي عنان الموجود في دمشق لمحاولة انقاذ خطة سلام بدأت قبل ستة أسابيع لكنها فشلت في وقف اراقة الدماء في سوريا للاسد "القلق البالغ للمجتمع الدولي".
وقال في مؤتمر صحفي في دمشق "إننا عند نقطة اللاعودة. الشعب السوري لا يريد مستقبلا يخيم عليه اراقة الدماء والانقسام. لكن أعمال القتل مستمرة والانتهاكات مازالت معنا حتى الان."
وحث ايضا المعارضة المسلحة على وقف العنف لكنه ناشد اولا الحكومة باعتبارها الطرف الاقوى على اتخاذ "خطوات شجاعة الان ليس غدا وانما الان" بوقف جميع العمليات العسكرية و"اظهار أكبر قدر من ضبط النفس".
ونفت حكومة الاسد علاقتها بالمجزرة او حتى وجود اسلحة ثقيلة لها بالمنطقة رغم الدلائل المغايرة لمراقبي الامم المتحدة.
وكرر الاسد نفسه لعنان موقف سوريا بأن "مجموعات ارهابية" - وهو المصطلح الذي تطلقه سوريا على المعارضين - تصعد من عمليات القتل والخطف في انحاء البلاد.
وفي سياق متصل، اعلن وزير الخارجية الكويتي ان اجتماعا وزاريا عربيا سيعقد السبت المقبل لمناقشة تطورات الوضع في سوريا بحضور الموفد الدولي والعربي الى سوريا كوفي عنان.
ونقلت وكالة الانباء الكويتية عن الشيخ صباح الخالد الصباح الذي تتسلم بلاده حاليا الرئاسة الدورية للجامعة العربية، ان اتصالات تجري مع الاطراف المعنيين بالازمة السورية تحضيرا لهذا الاجتماع.
كما اعلن الوزير الكويتي انه سيلتقي وزيري خارجية روسيا والصين في اطار المشاورات حول الملف السوري.
وقال الصباح ان الكويت "حريصة على التحرك على كل المستويات لوقف نزيف الدم في سوريا والزام الحكومة السورية بتنفيذ تعهداتها تجاه خطة عنان".
وافادت مصادر دبلوماسية ان اللجنة الوزارية العربية حول سوريا ستعقد اجتماعا السبت في العاصمة القطرية الدوحة.
في غضون ذلك قال مسؤولو الامم المتحدة ان العدد التقديري للنازحين داخل سوريا زاد عن المثلين الى نصف مليون منذ وقف اطلاق النار في 12 ابريل نيسان وان تدفق اللاجئين للخارج يتسارع مرة اخرى.
وعثر مراقبو الامم المتحدة على فوارغ قذائف وآثار حديثة لمواضع سير دبابات في الحولة وهو دليل على العتاد الذي لا يملكه المعارضون المسلحون الذين يستخدمون اسلحة خفيفة.
وفي جنيف قالت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة إن معظم قتلى بلدة الحولة السورية ومجموعهم 108 قتلى اعدموا من مدى قريب.
وابلغ ناجون محققي الامم المتحدة ان اغلب الاخرين قتلوا برصاص ميليشيا الشبيحة الموالية للاسد والتي كانت تهاجم معاقل المعارضة في السابق وتثير الرعب فيها.