دمشق - البوابة
انهى الصحفي السوري، نبيل الملحم، العمليات الفنية لفيلمه الوثائقي الجديد : " الموحدون الدروز" المؤلف من ثلاثة أجزاء، الاول تحت اسم نشأة المعتقد، والثاني خفايا التوحيد والثالث تحت عنوان :" هذا الجسد كان لي" المتصل بالتقمص.
يقول نبيل الملحم للبوابة:" ان العمل في هذا الفلم استغرق مايزيد على ثلاث سنوات متقطعة" ويضيف:" لكل مرحلة آلامها وأجاعها فالفلم صور مابين جنوب سوريا وجبل لبنان ومصر، وكل مرحلة من مراحل التصوير بدت وكأنها استحالة فالظروف التي تعرض لها هذا الفلم تشير الى حقائق الانتاج العربي الذي يبتعد كثيرا عن هواجس السؤال، وأنه :" انتاج يديره فقهاء الموت واماتة الحي فينا" .
الفلم يتناول عقيدة التوحيد بدءا من الدولة الفاطمية ، الدولة التي شهدت ازدهارا هائلا في الفلسفة والعمارة والمفاهيم، حيث ظهر الحاكم بأمر الله الفاطمي الشخصية الأكثر تعقيدا والتباسا وتناقضا في التاريخ الاسلامي، والذي أدخل الى دار الحكمة، مزيجا من حوار الديانات والمذاهب التي انتهت بتوطيد أركان مذهب ديني، حمل من الفلسفة اليونانية القديمة، كما حمل من ديانات شرق آسيا، ليضاف الى الفكر الاسلامي منتجا فضاء جديدا من الافكار والعقائد، وهو ماعرف حسب الشائع بالدين الدرزي، الذي غاب بطله أو غيب ونعني الحاكم بأمر الله، ومازال مصيره مجهولا.
في اجابة عن سؤال للبوابة يتعلق بشخصية الحاكم بأمر الله قال نبيل الملحم:" انه من أكثر الشخصيات التي واجهتها اثارة للخيال الخلاق، انه التنافض الذي يحثك على السؤال، انه سؤالا يطارد سؤال و :" انني بصدد انجاز عمل روائي من مناخات هذه الشخصية العبقرية في التاريخ البشري، فأنا لم يكن لي موقف من هذه الشخصية في الفلم، كنت مجرد شاهد وموثق لآراء الآخرين، في روايتي سأكون أنا وهو دون استحقاقات التاريخ وقيوده، سيكون خيالي وخياله فقط اثنان دون قيود".
وعن أبرز ضيوف الفلم ، قال نبيل الملحم:" لا أستطيع المفاضلة، فالواحد يستكمله الآخر ولكنني أظن أن الدكتورة زبيدة عطا، عميدة كلية آداب جامعة حلوان والمشرفة على مجموعة من الرسائل الجامعية المتعلقة بشخصية الحاكم بأمر الله الفاطمي كانت الاكثر دقة تاريخية، فيما كان الدكتور غسان الحلبي وهو رجل دين درزي الاكثر فهما لجوهر مذهبه، ليضيف الدكتور رفعت السعيد الكثير من الحيوية للفلم أما الخيال فكان للدكتور سعيد ملاعب الذي ذهب بعيدا وراء سور الصين العظيم حيث ستنطلق القيامة من هناك، ومن الضروري أن نتذكر الدادا كريشنا معلم اليوغا الذي استغرق وأغرقنا في السؤال عن الله".
وعن النماذج المتقمصة التي قدمها الفلم قال الملحم : " بنت كان اسمها في جيلها السابقة ألسن، وفي جيلها اللاحق نسمة، ماتت ألسن مقتولة فكشفت نسمة قاتل ألسن".
في اجابة عن سؤال يتعلق بمدى شجاعة هذا الفلم على طرح حقائق هذا المذهب المغلق والسري، قال الملحم:" ان مجرد ملامسة هكذا عناوين هي مجازفة بذاتها" وأضاف:" كل ماقلته صحيحا ولكنني لم أقل كل الصحيح، فمعتنقي المذاهب الباطنية شديدو الحساسية ازاء معتقداتهم، والحساسية قد تصل بهم الى حدود مبالغ فيها" ، وعن الدافع لصناعة هذا الفلم قال:" كانت خطة عملنا أن ننتج مجموعة من الافلام عن عقائد هذه المنطقة، كعقيدة الصابئة واليزيديين والاسماعيلية والعلويين، ولكن جهة الانتاج التي كانت وراء هذا الفلم تباطأت ثلاث سنوات، وخلال السنوات الثلاث دخلت محطة الجزيرة في نفس المشروع فاحترقت موضوعاتنا وعناويننا.. هذه مشكلة العمل مع شركات ليس لها تراث وتقاليد" .
وحول هدف هذه الافلام قال نبيل الملحم:" منطقتنا وأعني الشرق الادنى، هي المنطقة الاكثر تنوعا فيما يتعلق بالعقائد، هذا التنوع الذي كان يمكن أن يكون ايجابيا ويشكل موزاييكا رائعا للحوار تحول الى احادية تخفي تحت رمادها الاحتقانات والتناحر وربما الانذار بالحروب والاقتتالات والغاء الآخر، الكل يعتقد أنه مدمج في الكل والكل على يقين من أنه مختلف عن الكل، أساس الحوار هو الاختلاف وحين نعجز عن طرح اختلافنا فسنكون عاجزين حتما عن طرح التعايش، التعايش يعني التعايش بين المختلفين لا بين المتشابهين، وحين لانعرف كي نقر بحقائق الاختلاف لن نتعرف على حقيقة التعايش".
وعن ظروف انتاج الفلم قال:" ربما كانت هذه السنة ومازلت منتميا الى 2006، من أسوأ سنوات العمر السيئة، فالكثير من المشروعات والاعمال فشلت وضاعت في الحضيض، مايجعلك مفتقدا للحماس ازاء أي شئ" ، " لا أعتقد أن هنالك مايستحق أن يسمى انجازا كل مافي الامر أننا نراكم على متراكم ومن يدعي غير ذلك فهو اما مخدوع واما ساذج متهافت، ليس لدينا حقائق جديرة بالاحترام في هذه المنطقة، لا بأفكارنا ولا بتطورنا الاقتصادي الاجتماعي، ولا في حياتنا السياسية، ولا حتى بعلاقتنا بالله الذي نحيل مصائبنا عليه فيما نذهب بعيدا في التطلب منه، كل مايحيط بنا يدفعنا الى الانتحار"
عن هذه اللهجة اليائسة، يقول: " اننا في تلفزيون الواقع، لا أعتقد أن متابعا واحدا لأخبارنا بوسعة أن يكون محترما ان تأمل ماهي أخبارنا".
ماهي مشروعاتك الجديدة؟ يجيب الملحم:" مشروعي الوحيد المقبل هو ممانعة الاكتئاب، وعن الفلم الوثائقي السوري يقول: " سوريا غابة ، سلسلة من المجاهيل ، فضاء هائل للسؤال ولكننا معطلون، السؤال معطل فينا، ولهذا عندنا كل المادة الخام لصناعة فيلم وثائقي ولكن لاتقاليد الانتاج ولا اراداة صانعي الافلام تسمح لهم بانتاج فيلم واحد جدير بالمشاهدة"، عن تقييمه لفيلمه يقول:" انني واحد من ملايين الحضيض، لن يرفعنا فيلم ولن يسقطنا آخر".
يذكر أن الموحدون الدروز هو الفلم الوثائقي السابع لنبيل الملحم بعد :"هبة يك واوراسيا وباي باي لبنان ولغز حسن نصر الله" ، هذا بالاضافة الى مجموعة من الاعمال الدرامية التلفزيونية وكان آخرها الفلم السينمائي :" بانسيون مريام" الذي بدأت شركة الشرق السورية بانتاجه في الشهر الاخير من السنة الفائتة وتوقف العمل فيه فجأة بعد زوبعة من الشائعات يقول الملحم عنها :" انها تثير الغثيان".