في مواجهة معارضة اكبر حجما واكثر جرأة نجحت في الوصول الى مقاعد مجلس الامة الكويتي بأصوات الناخبين الغاضبين من أحوال السياسة يقع حكام البلاد تحت ضغط لتعيين حكومة قادرة على الاستمرار لفترة كافية لتنفيذ اصلاحات ضرورية. وفاز مرشحو المعارضة بأغلبية قوية في المجلس المكون من 50 مقعدا الاسبوع الماضي مستفيدين من تصاعد الغضب بسبب رئيس الوزراء السابق الذي لم يتمتع بشعبية تذكر ومزاعم فساد وهي عوامل أدت الى اندلاع احتجاجات نادرة في الشوارع العام الماضي.
وسيشكل رئيس الوزراء الجديد الشيخ جابر المبارك الصباح الذي اختاره امير البلاد كالعادة حكومة جديدة قبل أولى جلسات مجلس الامة المقرر عقدها في غضون أسبوعين.
وقد تحدد تشكيلة هذه الحكومة ولو جزئيا مدى النجاح الذي ستحققه في حل الازمة السياسية التي تشل الكويت.
وقال عبد الله الشايجي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت ان البلاد الان بحاجة الى صيغة سحرية لاسترضاء الجميع وضمان الا يبدأ هذا البرلمان المشاحنات والعراك مع الحكومة من اليوم الاول.
ويجب أن تفسح التشكيلة الجديدة المجال لتغيير في ميزان القوى وهو ما يمكن أن يعني تعيين المزيد من الاعضاء من المجلس المنتخب. وبموجب الدستور الكويتي يجب أن يمنح نائب منتخب واحد على الاقل منصبا وزاريا. وفي الحكومة السابقة تم اختيار برلماني واحد.
وقال غانم النجار استاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ان الاهم من البرلمان هو تشكيلة الحكومة.
وفي غياب عدو قد تضطر المعارضة الى الانضمام للحكومة على نفس الطاولة بدلا من أن تتحداها. ويرى محللون أن المعارضة لا يوحد بينها اكثر من العداء للحكومة في ظل حظر الاحزاب السياسية.
غير أنه لا توجد مؤشرات على أن المعارضة تميل لتقديم تنازلات في ظل التفويض الذي فازت به مؤخرا.
وتقول مصادر مطلعة ان الخلاف على مسألة اي فرع من عائلة الصباح يتولى الحكم تسبب في تفاقم الوضع اذ يدعم شيوخ متناحرون من الاسرة الحاكمة نوابا مختلفين لاضعاف خصومهم.
تاريخيا تبادل فرعا السالم والجابر من العائلة لقب ولي العهد. لكن الشيخ صباح الاحمد الصباح الامير الحالي وهو من فرع الجابر تولى القيادة عام 2006 بعد أن حكم الامير السابق المريض وهو من فرع السالم لتسعة ايام فقط مما يعني أن فرع الجابر يشغل المنصب منذ عام 1977 .
وقال الشايجي انه لابد من عقد هدنة داخل الاسرة الحاكمة حتى تستطيع هذه الحكومة العمل بطريقة ملائمة بعيدا عن الشد والجذب.
حتى الان لايزال السجل غير مشجع.
عينت سبع حكومات واستقالت في الاعوام الخمسة الماضية ويحدث هذا عادة لتفادي الاستجوابات المحرجة في مجلس الامة.
وحاول برلمانيون اخضاع وزراء لاستجوابات قاسية بشأن كل شيء بدءا من اهدار المال العام وانتهاء بالسماح ببث برنامج (ستار أكاديمي) وهو برنامج عربي لاكتشاف المواهب على شاشات التلفزيون الكويتية.
وقال جاسم القاسم الذي أدار حملة انتخاب النائبة الليبرالية اسيل العوضي لفترة ثانية ان النتائج كانت متوقعة بسبب حالة الاستقطاب التي عاشها الكويتيون في ظل البرلمان السابق.
واعتبر ناخبون أن الكثير ممن لم يحالفهم الحظ في الانتخابات مثل مرشحين ليبراليين وشيعة كانوا متساهلين اكثر من اللازم مع رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح الذي اتهموه بالكسب غير المشروع. وحقق مرشحون اسلاميون مكاسب بسبب موقفهم القوي من الشيخ ناصر وليس لمرجعيتهم الدينية.
ونتيجة للازمة تعطلت اصلاحات ووصل مستوى الاستثمار الاجنبي المباشر في البلاد الى أدنى مستوى بالمنطقة.
وفي السنوات العشر الماضية استقطبت الكويت استثمارات اجنبية قيمتها 1.5 مليار دولار او 0.5 في المئة من مجمل التدفقات على منطقة الخليج بينما استقطب اليمن الفقير استثمارات قدرها 3.5 مليار دولار.
ونما الاقتصاد الكويتي بنسبة 5.7 في المئة عام 2011 مقابل 6.5 في المئة للسعودية و 18.75 في المئة في قطر وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي.
وعلى الرغم من أن الحكومة لديها فائض في الميزانية يبلغ نحو 24 في المئة وهو الاعلى في الخليج وفقا لما يقوله صندوق النقد الدولي فان الاموال الاضافية لم تترجم بعد الى تحسن في البنية الاساسية.
وقال فاروق سوسة كبير الاقتصاديين بمجموعة "سيتي بنك" في الشرق الاوسط ان الكويت قد تدخل مرحلة تشهد فيها الساحة السياسية مزيدا من الفوضى حيث تستمر الازمة السياسية في جعل المستثمرين يحجمون عن الاستثمار في البلاد وتتعطل مشاريع التنمية الاقتصادية الكبيرة.
وقال مسؤول كبير في بنك خاص لرويترز انه تلقى اتصالا من عميل مهم في الكويت طلب منه استثمار المزيد من الاموال خارج البلاد بعد أن سمع بنتائج الانتخابات.
ومن بين الاصلاحات السياسية التي يطالب بها الساسة المعارضون والجماعات الشبابية استقلال القضاء وانهاء حظر الاحزاب السياسية وأن يتم اختيار رئيس الوزراء بالانتخاب.
وفي الاسبوع الحالي حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن استمرار "الخلاف" داخل الحكومة الكويتية سيستمر في التأثير على الاصلاحات وعرقلة الفعالية السياسية.
وقال عدنان عبد الله وهو مواطن كويتي كان مارا من امام البورصة "النخبة تتشاحن ولا ننال الا البطالة وارتفاع الاسعار المخيف والاحباط... هذه المشاكل لن تحل على المدى القريب او المتوسط."