لن يتوقف الجدل على ما يبدو بشأن حجاب شريحة كبيرة من النساء في بريطانيا. وفي أحدث معطياته يقول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «ينبغي أن يكون المجتمع الحر والمفتوح قادراً على استيعاب حرية أفراده في ارتداء ما يريدونه، ويجب علينا أن ندعم المؤسسات لتمكينها من تطبيق ما لديها من لوائح وتعليمات تساعدها في إنجاز أعمالها على النحو السليم والمطلوب».
كما أشار كاميرون إلى أنه يؤيد المدارس الإسلامية في السماح للطالبات بارتداء النقاب، بما يعكس القيم التي تحملها وتدافع عنها، لكنه أضاف أنه من الصعب على المعلمة أن تستمر في الشرح أو العملية التعليمية ما لم تتمكن من مشاهدة وجه الطالبة، كما أوضح أنه سيكون في منتهى الارتياح والغبطة إذا ما تمكنت المحاكم من بلورة جملة من الإرشادات والخطوط العريضة لكيفيه تعاملها مع الفئات المعنية من المجتمع سواء كانوا متهمين أو شهوداً أو محامين أوهيئات محلفين. ومازال كثير من البريطانيين يتمسك بوجهة نظره التي تقول إنه يجب على المرأة ألا تضع نقابها في أماكن عامة محددة لأن النقاب يحجب الوجه كاملاً.
ويمكننا أن نتفهم موقف حزب المحافظين الذي يقول إن المبالغة في هذا النقاش أمر حساس، لأنه يتعلق بالحرية الدينية التي يوليها البريطانيون أهمية كبيرة، إضافة إلى صلته بحقوق المرأة.
ومنذ أسابيع تحاول المحاكم والمدارس إرساء تطبيق سلسلة من الإجراءات المتعلقة بتحديد نوعية اللباس وكيفيته في مواجه أولئك المصممات على ارتداء النقاب، باعتبار أن مثل هذه الأماكن العامة تتطلب في كثير من الأحيان والمناسبات الاتصال المباشر بين الأفراد والمواجهة وجهاً لوجه.
وعلى سبيل المثال يحتاج القاضي أو المدعي العام أو أعضاء هيئة المحلفين إلى تمكينهم من مشاهدة ملامح وجه المتهم. ويذهب متعصبون بريطانيون إلى القول إن المتمسكات بالنقاب يؤكدن بذلك رفضهن الانخراط في نسيج المجتمع البريطاني وقبول قيمه وثقافته، وأنه كان جدير بكاميرون أن يكون أكثر صلابة في الدفاع عن بريطانيا والبريطانيين. وهناك من يقول إنه إذا كان النقاب يحول دون قيام موظف عام بواجبات وظيفته على النحو المطلوب، فلابد لنا من نقاش رشيد متعقل حول هذه المشكلة للتوصل إلى أفضل حل ممكن لها.
