صفاء الرمحي
ناشدت (الأونروا) دول العالم الثلاثاء لإنقاذ برامجها الطارئة وسرعة توفير 800 مليون دولار، لسد العجز في موازنتها الناجمة خصوصا عن وقف المساعدات الأمريكية انتقاما من تصويت الأمم المتحدة الجارف ضد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة للكيان المحتل.
وقال الناطق باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين سامي مشعشع أن المبلغ المنشود يشكّل الحد الأدنى حتى تتمكن الأونروا من الوفاء بالتزاماتها الطارئة في الضفة الغربية وقطاع غزّة، فضلا عن إعادة إيواء قرابة 50 لاجئ بعد أن دمرّت مخيماتهم داخل سوريا، بفعل الحرب الدائرة هناك منذ سبع سنوات.
وأوضح مشعشع في مؤتمر صحفي أن المساعدات الطارئة ستوزع مناصفة بواقع 400 مليون دولار بين ساحتي سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة. وتسعى الأونروا إلى إعادة إيواء قرابة 50 ألف لاجئ فلسطيني في سوريا – بعد أن تشتتّوا في الأردن ولبنان- وتزويدهم بمواد إغاثة ومياه صالحة للشرب.
وطالب الناطق باسم الأونروا دول الخليج العربي بملء الفراغ الناجم عن انحسار حصّة أمريكا في موازنة الوكالة؛ بعد أن كانت أكبر مانح بواقع 350 مليون دولار عام 2017، يليها الاتحاد الأوروبي. ويساهم هذان الطرفان معا بنحو 40 % من مجمل المنح الواردة. كما توقع استجابة تركيا وبلدان آسيا الوسطى والمسارعة لأنقاذ موازنة الوكالة، إلى جانب صندوق التنمية الإسلامي، البنك الدولي ودول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا).
وأثنى مشعشع على وفاء دول أوروبية بحصصها المتفّق عليها خصوصا هولندا، بلجيكا، بريطانيا والسويد.
يقدر العجز في موازنة الأونروا ب 500 مليون دولار، وقد تفاقم بعد أن علّقت إدارة ترامب قرارا بإرسال 65 مليون دولار. وينذر هذا العجز بتخفيض خدمات الوكالة – التي أنشئت عام 1949- وسط تزايد الطلب على خدماتها مع زيادة عدد اللاجئين المسجلين إلى 1.8 مليون في غزة و400 ألف في سوريا.
إجراءات تقشفية تطال الأخضر واليابس
تعهدت الأونروا بإدامة خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين رغم إجراءات التقشف القسرية، لتي تطال "الكم والنوع"، وفق ما قال الناطق سامي مشعشع.
تطال هذه الإجراءات بنود مصاريف السفر والاجتماعات، وعمال المياومة مع الحفاظ على 30 ألف موظف بعقود ثابتة.
وأكد مشعشع أن الأونروا لن تترك لاجئي فلسطين لوحدهم، حتى إن لم تفي الولايات المتحدة بالتزاماتها، لافتا إلى أنها ستواصل أنشطتها في سوريا، لبنان، الأردن، الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى خدماتها في القدس الشرقية.
وأوضح أن الأونروا توفر خدمات حيوية لأكثر من 5 ملايين و900 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لديها. وهي تدير 711 مدرسة و 143 عيادة فضلا عن الخدمات الاجتماعية، الإغاثية والإقراضية.
غزّة بلا حياة
وقال مشعشع: "غزّة ليست صالحة للحياة" بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية على جميع الأصعدة جرّاء الحصار الذي يعاني بسببه مليونا فلسطيني. وتحدث عن تفاقم معدلات البطالة بين الشبان إلى 69 % وعدم تمكن المرضى من الوصول إلى الخدمات الصحية.
وتشير التقديرات إلى وجود 550 ألف غزّي في خانة الفقر المدقع، أي واحد من كل أربعة أشخاص في القطاع. ويعتمد نصف سكان غزّة على الأونروا للحصول على مساعدات غذائية طارئة، نتيجة تراجع فرص التوظيف ببعد عشر سنوات من الحصار الإسرائيلي. وقد تضاعف هذا الرقم عشر أضعاف منذ عام 2000. ويعاني طفلان من كل عشرة أطفال غزيّين من تبعات الصدمات النفسية حادة.
جدل المناهج
وردا على سؤال حول اشتراط الإدارة الأمريكية على الأونروا تغيير مناهجها -خصوصا تلك التي تتحدث عن اللاجئين وحق العودة- قبل رفع الحظر عن تمويلها، أوضح مشعشع أن الوكالة الأممية لا تفرض أي أفكار داخل المناهج، لافتا إلى أن تقرير المحتوى منوط بكل دولة مضيفة للاجئين. "نحن ملتزمون بالمناهج الدراسية للدول المضيفة، وأضيفت مواد إثرائية لتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان. وبابها لا يزال مفتوحًا للنقاش مع ممثلي الدول وأولياء الأمور وموظفي الوكالة".
منذ تأسيسها في فيينا عام 1949، تعنى الأونروا بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن، سوريا، لبنان، الضفة الغربية وقطاع غزة في قطاعات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير، وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.