تحيل الانقطاعات الواسعة للكهرباء حياة المصريين الى جحيم وسط موجة الحر، في وقت ترفض السلطات تزويد محطات التوليد بكميات اضافية من الغاز حتى تحافظ على مستوى صادراتها من هذه السلعة التي تعد احد اهم مورد للبلد الغارق في ازمة اقتصادية خانقة.
وخلال اليومين الماضيين، عانت محافظات القاهرة الكبرى والصعيد والدلتا حيث تعيش غالبية سكان البلاد الذين يتجاوز عددهم 105 ملايين، من انقطاعات متكررة للكهرباء امتدت ست ساعات متصلة في بعض المناطق.
وجاءت الانقطاعات في وقت تشهد مصر موجة حر قياسية تخطت الحرارة فيها حاجز 40 درجة مئوية في منطقة القاهرة، ولامست 50 درجة في جنوب الصعيد.
لم تقتصر معاناة المصريين مع انقطاعات الكهرباء على توقف وسائل التبريد والالات في المصانع والمعامل والورش، بل امتدت كذلك الى قطاع المياه الذي تضرر بشدة جراء توقف محطات الضخ الى المنازل خصوصا في منطقة القاهرة.
وقال موقع "الطاقة نت" ان الطلب على الكهرباء سجل مستوى قياسيا تاريخيا في مصر يوم الاثنين، مع بلوغ الاحمال على الشبكة الوطنية ذروة 34.6 ألف ميغاواط.
واضاف الموقع ان توليد الكهرباء سجل في ذات اليوم فائضا بنحو 10 الاف ميغاواط، لكن هذه الزيادة لم تترجم الى استقرار في مناطق كثيرة، منها مثلا مدينة العبور التي توقفت اثنتان من محطات التحويل فيها عن العمل ما ادى الى انقطاع التيار ساعات عدة.
ويتوقع ان يسجل الحمل على الشبكة الوطنية 35 الف ميغاواط خلال الشهرين الحالي والمقبل مع استمرار موجة الحر العنيدة.
خطة ترشيد قاسية
يؤكد المسؤولون ان الانقطاعات التي اثارت تذمرا واسعا في البلاد تسبب بها ارتفاع الجهد على الشبكة جراء زيادة استهلاك الكهرباء في ظل الاقبال الهائل على استخدام اجهزة ووسائل التبريد.
لكن مصادر مطلعة تقول ان الامر متعلق بالغاز.

وكشفت المصادر عن ان الحكومة بدأت منذ مطلع الشهر في عمليات قطع مبرمجة للتيار في انحاء البلاد يمتد بعضها الى ست ساعات يوميا، وذلك حتى لا تضطر الى رفد محطات التوليد بكميات اضافية من الغاز لتمكينها من زيادة الانتاج لمواكبة ارتفاع الطلب.
ويمثل قطاع انتاج الكهرباء اكبر مستهلك للغاز بحصة تبلغ 60 في المائة.
ونظرا لتراجع الانتاج في بعض حقول الغاز، فقد وحدت الحكومة نفسها مضطرة الى انتهاج سياسة ترشيد قاسية للاستهلاك خصوصا من قبل محطات التوليد، حتى تتمكن من الحفاظ، ان لم يكن رفع مستويات التصدير الحالية.
ويعد الغاز احد اهم الموارد المالية لمصر التي تعاني من ازمة اقتصادية متفاقمة، علما ان خطة الترشيد المتدرجة التي بداتها الحكومة العام الماضي تهدف الى خفض اجمالي الطاقة المستهلكة محليا بنسبة 18 في المئة بحلول العام 2035.