الانتفاضة ليست على العتبة

تاريخ النشر: 30 أكتوبر 2014 - 03:35 GMT
البوابة
البوابة

تحت هذا العنوان تكتب اوريت فارلوب، في صحيفة "هآرتس" ، انه يبدو في الآونة الأخيرة، بأن الاحداث العنيفة في القدس الشرقية تخلق، بشكل تدريجي، واقعا هشا في العاصمة. وفي اعقاب كثافة الأحداث بدأوا برشق كلمات في الهواء مثل "تصعيد"، "تدهور"، والكلمة المفضلة لدى الخبراء والصحفيين والباحثين: انتفاضة ثالثة. وباستثناء الجاذبية الواضحة لهذه المصطلحات، التي تفرض الرعب، يطرح السؤال: هل حقا وصل الامر الى ذلك؟

هناك اكثر من مليون فلسطيني ينشطون اليوم عبر الشبكات الاجتماعية، ويسمحون لنا بتعقب الاجواء وفهم العلاقة الواسعة للأحداث في شرقي القدس. هل يرغب الجمهور الفلسطيني بالتصعيد؟ هل تتوفر المحفزات وقدرة الشبان الفلسطينيين وقيادة الشارع على اطلاق انتفاضة ثالثة؟

حسب تقديري ان الجواب هو: لا. فلكي تندلع انتفاضة ثالثة يتطلب الامر وجود قيادة معنية بذلك وكمية كبيرة من الناس المستعدين لممارسة العنف. وحسب الحوار الدائر على الشبكات الاجتماعية فانه لا توجد في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية هذه الكمية الحاسمة، ولا وجود لقيادة قادرة (او تريد) جر الشارع الفلسطيني. مع ذلك، يمكن من خلال فهم العلاقة الواسعة، تشخيص الاستعداد لزيادة الاحداث الموضعية.

منذ عملية الجرف الصامد، بدأت قوات الأمن الاسرائيلية والفلسطينية بعملية "تطهير" للبنى التحتية لحماس والجهاد الإسلامي في الضفة والقدس الشرقية. وهي حملة ترافقت بموجة من الاحتجاج ضد السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. وفي المقابل شدد الشاباك واجهزة الامن الفلسطينية من المراقبة على الشبكات الاجتماعية ومبلوري الرأي العام الفلسطيني على الشبكة.

ظاهريا فان الشبكة مفتوحة ويمكن التعبير عن الرأي الحر فيها، ولكنه عمليا، يتم اعتقال او التحقيق مع كل شاب فلسطيني يحاول تنظيم احتجاج شعبي لتفعيل الضغط على السلطة او القيادة نحو التصعيد. اما حماس فهي لا تستطيع وليست معنية بخلق استفزاز رسمي، في اعقاب هزيمتها في الجرف الصامد، والحساسية ازاء مصر. ويستدل من الحوار عبر الشبكة، ان استراتيجية التنظيم هي لعب دور الولد المطيع، حاليا، كي تصل اموال الرواتب والترميم الى غزة، من خلال الادراك بأن التصعيد الموجه في الضفة او القدس الشرقية سيؤدي الى تأخير الأموال. ومن جهة اخرى فانه لا يبقى امام الشبان الذين يتم اعتقالهم ويفرض عليهم وقف نشاطهم على الشبكة، ويمنعون من التعبير عن آرائهم، الا الانتشار والعمل العنيف في الاحداث الموضعية.

الشبكات الاجتماعية تسمح بتشخيص التوجهات في الرأي العام وكشف الحملات المتنامية وجس نبض الشارع، ولكنه لا يمكن العثور في الشبكة على منفذ العملية المنفرد، او التنظيمات الفردية. رغم الحساسية في القدس الشرقية والخليل، لا ارى أي نوايا شعبية واسعة للتصعيد. بل على العكس، غالبية الجمهور الفلسطيني ليس معنيا بالعنف، بل ويتم سماع اصوات تدعو الى كبح الشبان الذين يسببون الضرر لجودة حياة الجميع.

مع ذلك فإننا نتعلم من تجارب الماضي ان "تسلل الافراد" ايضا، يمكنه ان يقود الى تغييرات دراماتيكية واستراتيجية. ولذلك يجب عدم الاستهتار بسلسلة الاحداث العنيفة في القدس الشرقية، حتى اذا لم يكن متوقعا مشاهدة موسم ثالث من الانتفاضات. فقد يكون ذلك مجرد تجربة لنوع آخر.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن