صعّد الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية داخل قطاع غزة، مركّزاً هجماته على مدينة غزة، بعد مصادقة المستويين السياسي والعسكري في تل أبيب على خطة للسيطرة عليها، في محاولة لزيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بهدف الإفراج عن المختطفين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع.
وفي أحدث موجات التصعيد، شنّ سلاح الجو التابع للاحتلال غارات مكثفة على برج مشتهى السكني والمكتبي، الواقع غرب مدينة غزة، وهو أحد أبرز الأبراج الشاهقة ومعالم المدينة، حيث تم قصفه على مرحلتين بعد إصدار أوامر عاجلة بإخلائه خلال 30 دقيقة فقط.
الضربات الجوية العنيفة حولت البرج إلى ركام، ما أثار ذعراً واسعاً بين المدنيين والنازحين الذين كانوا يتخذون من شققه ملاذاً مؤقتاً في ظل انعدام الملاجئ والمساكن البديلة.
وزعم جيش الاحتلال أن حركة حماس استخدمت البرج لإقامة "بنى تحتية إرهابية"، منها كاميرات مراقبة ومسارات هروب ومعدات استخباراتية. في المقابل، نفت إدارة البرج تلك الادعاءات، مؤكدة في بيان رسمي أن المبنى يخضع لرقابة مشددة منذ استهدافه في الحرب السابقة، وأنه مخصص حصرياً للمدنيين النازحين، وخالٍ تماماً من أي تجهيزات عسكرية أو أمنية.
وكان البرج قد تعرض لأضرار جزئية خلال الغارات الإسرائيلية السابقة، مما دفع العديد من العائلات النازحة للإقامة فيه مؤقتاً بسبب انعدام البدائل. ويثير قصفه مخاوف من أن يكون بداية مرحلة جديدة من التصعيد ضد مدينة غزة، التي تضم مئات آلاف النازحين.
وجاء القصف بعد ساعات فقط من تهديد وزير الدفاع في حكومة الاحتلال، يسرائيل كاتس، الذي قال في تغريدة عبر منصة "إكس": "بدأنا بإزالة القفل عن بوابات جهنم في غزة"، في إشارة إلى عملية عسكرية وشيكة للسيطرة على المدينة بالكامل.
ويرى مراقبون أن هذه الضربة الجوية تمثل رداً انتقامياً من الاحتلال على فيديو نشرته "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، ظهر فيه أسيران إسرائيليان يتجولان داخل مركبة بين أنقاض المدينة، مطالبَين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم تنفيذ الهجوم العسكري. وأكد أحد الأسيرين، ويدعى غاي جلبوع دلال، أن هناك 8 أسرى داخل مدينة غزة، وأنهم قد يُقتلون في حال اقتحمتها قوات الاحتلال.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فإن حماس كانت تُعد منذ فترة لاستخدام ملف الأسرى كورقة ضغط إعلامية وإنسانية في مواجهة الهجوم المرتقب.
وتخشى عائلات الأسرى الإسرائيليين من أن تؤدي العملية العسكرية إلى مقتل أبنائهم، في ظل تأكيدات من الجيش الإسرائيلي بأنه لا يملك معلومات دقيقة حول أماكن احتجازهم.
في المقابل، كشفت مصادر مقربة من حماس لـ"الشرق الأوسط" أن الحركة وفصائل فلسطينية أخرى كانت تدرس نقل بعض الأسرى إلى مدينة غزة، وهو ما يبدو أنه جرى تنفيذه بالفعل، بهدف تعقيد مهمة الاحتلال والربط المباشر بين سلامة المختطفين وقرارات الحكومة الإسرائيلية بشأن اجتياح المدينة.