الأمم المتحدة تبدأ مشاورات بشأن سوريا بلا توقعات..بعد فشل محاولتين

تاريخ النشر: 06 مايو 2015 - 07:48 GMT
ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة لسوريا
ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة لسوريا

تبنت الأمم المتحدة نهجا يتسم بالحذر إزاء المحادثات التي أطلقتها هذا الأسبوع بشأن سوريا لتتجنب بذلك إثارة توقعات بأن هذه المبادرة الأخيرة يمكنها إنهاء الصراع الدائر منذ أربع سنوات والذي لم تنجح كل الجهود الدبلوماسية حتى الآن في تسويته.
ويقول ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة لسوريا إنه يريد التحدث مع دبلوماسيين ونشطاء وقادة سياسيين وعسكريين لمعرفة ما إذا كان توجد أي أرضية مشتركة جديدة تجمعهم منذ إعلان خارطة طريق لإنهاء الحرب عام 2012.
ويتشكك الدبلوماسيون في إمكانية تحقيق شيء من خلال جهوده لكنهم يتفقون على أن تغيرات كثيرة طرأت هذا العام سواء على صعيد ساحة القتال أو في العلاقات بين حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد وخصومه.
وقال دبلوماسي غربي يتابع الشأن السوري "تحول ميزان القوى. والحكومة ترى أنها خسرت بعض المعارك لكنها لم تخسر الحرب. لكن هذا قد يكون مع ذلك بداية النهاية. فكل شيء ممكن."
وفي ساحة المعارك حقق المقاتلون الإسلاميون المنتمون لتنظيمات من بينها جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة مكاسب كبيرة في الأسابيع الأخيرة في محافظة إدلب في الشمال الغربي لتقترب من قلب الأراضي الخاضعة للسيطرة الحكومية في اللاذقية.
وفي الجنوب الغربي استولت المعارضة على معبر حدودي مع الأردن فيما يشير إلى تجدد عزم الأطراف العربية المناصرة للمعارضة والتي تريد تنحية الأسد.
غير أن الدبلوماسيين يقولون إن الدائرة المقربة من الأسد ما زالت قوية بعد عمليات انشقاق من الحكومة في فترة سابقة من الانتفاضة كما أن ايران وروسيا الحليفين الرئيسيين للأسد ما زالا على موقفهما.
وتقدمت أطراف متشددة في المعارضة من بينها تنظيم الدولة الإسلامية على حساب مقاتلي المعارضة الأكثر اعتدالا منذ الجولة السابقة من محادثات جنيف في فبراير شباط عام 2014. كذلك بدأ قصف جوي تحت قيادة أمريكية للتنظيم في العراق وسوريا منذ الصيف الماضي.
واضطر المبعوث دي ميستورا للتخلي عن مبادرته الأولى التي تمثلت في اقتراح بتجميد الأعمال العسكرية في مدينة حلب. وكان دي ميستورا يأمل أن يوسع نطاق هذا التجميد ليصبح هدنة أوسع.
وكان مبعوثا الأمم المتحدة السابقان لسوريا قد استقالا بعد فشلهما في إحراز أي تقدم.
ولا يطلق دي ميستورا على المشاورات التي يجريها "محادثات سلام" أو "جنيف 3" إذ أن مثل هذه التسمية ستوحي بمحاولة ثالثة للتوصل إلى هدنة بوساطة الأمم المتحدة.
لكن بعض الدبلوماسيين يعتقدون أن هذا هو الهدف من مشاوراته الثنائية التي يلتقي فيها بكل طرف على حدة.
ومن الأطراف التي دعيت للمشاركة في هذه المشاورات الحكومة السورية وعدد كبير من جماعات المعارضة والفصائل المسلحة غير الجهادية وأفراد من المجتمع المدني ومؤسسات أهلية وممثلون لخمس قوى عالمية كبرى وايران والدول المجاورة لسوريا بالاضافة إلى قطر والسعودية.
وربما يتمثل أبرز القواسم المشتركة التي قد يتحقق من خلالها توافق في المعارضة الواسعة لتنظيم الدولة الاسلامية الذي توسع في العراق وسوريا.
ويقول مسؤولون غربيون إن التعامل مع التنظيم يمثل أولوية.
فقد سافر الآلاف من مختلف أنحاء أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط إلى سوريا للقتال في صفوف التنظيم. وتخشى الحكومات أن يلجأ هؤلاء إلى تنفيذ هجمات في بلادهم بعد عودتهم.
وقال الدبلوماسي الغربي "أتوقع اعلانا بأن كل طرف سيحارب الإرهاب وان المحادثات ستستمر للبحث عن تسوية سياسية" مضيفا انه من غير المرجح التوصل الى حل سياسي "لأن النظام لا يريده والمعارضة أيضا غير قادرة على قبوله."
وقتل الصراع 220 ألف شخص ونزح ملايين منذ عام 2011 رغم جهود دبلوماسية سابقة من جانب الذين سبقوا دي ميستورا - كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي.
وكتب تشارلز ليستر الزميل الزائر بمركز بروكنجز الدوحة "سيكون في نهاية الأمر الضغط العسكري داخل سوريا هو الذي سيحدد إن كان لمثل هذه المبادرة أي فرصة نجاح."
إعادة تنظيم السلطة
قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إنه لا جدوى من المشاورات ما لم تتركز على إنهاء "الإرهاب" وقال السفير الروسي في جنيف أليكسي بورودافكين إنه يامل أن تتمكن المحادثات من تشكيل جبهة موحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
ويرى بورودافكين أن هذا سيؤدي إلى انتقال سياسي وإن كان الأسد الذي أعيد انتخابه رئيسا للبلاد في العام الماضي رفض النداءات التي وجهت إليه للتنحي.
وقال مصدر دبلوماسي آخر إن إيران لم تشر إلى ما إذا كانت ستقبل الدعوة وقد لا يصبح موقفها واضحا إلى أن تختتم المحادثات بشأن برنامجها النووي - وهي مفاوضات من المقرر أن تستمر طوال مشاورات دي ميستورا.
وقال دبلوماسي غربي آخر يتابع الشأن السوري إن التقارب النووي قد يعطي قوة دافعة لمحادثات سوريا لكنه قد يزيد من المنافسة بين ايران الشيعية والسعودية السنية.
وقال "السعودية قلقة بشأن المحادثات النووية. بل إن بعض الناس يتحدثون عن تحول رئيسي في العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية .. كل هذا له آثاره على سوريا."
وعلى عكس الذين سبقوه يأمل دي ميستورا التشاور مع زعماء جماعات المعارضة المسلحة وهي خطوة ينظر إليها على أنها مهمة إذا أريد أن تكون كل الأطراف جزءا من اتفاق في نهاية الأمر.
غير أن بعض الدبلوماسيين يقولون إنهم قد لا يوقفون القتال وينضمون إلى عملية سلام إلا اذا دفعتهم الدول التي تناصرهم إلى عمل ذلك وهذا يعني ان القوى الكبرى يجب أن توافق.
وقال دبلوماسي "الأمر بيد اللاعبين (الخارجيين)." وأضاف "الولايات المتحدة وروسيا وايران والسعودية وتركيا وقطر. انهم الأطراف التي يجب أن توافق."
ومع مشاركة العديد من القوى في سوريا أيضا في حروب أو حروب بالوكالة في اليمن أو ليبيا يقول دي ميستورا إن سوريا ليست حربا معزولة لكنها أهم حرب يجب ان تنتهي.
وقال "سأركز على سوريا لأنها ... أكبر مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية."