هزت اشتباكات عنيفة أحياء في شمال العاصمة اليمنية صنعاء فجر الخميس مما أسفر عن سقوط قتيلين وكسر هدنة تهدف الى انهاء أسوأ أعمال عنف يشهدها اليمن منذ بدء الاحتجاج على حكم الرئيس علي عبد الله صالح قبل ثمانية شهور.
وقال مراسل لرويترز في الموقع إن ثلاث مناطق بشمال صنعاء شهدت قصفا مدفعيا عنيفا واطلاق نار كثيفا بين القوات الحكومية ومسلحين من انصار الزعيم القبلي صادق الاحمر المؤيد لمطالب المعارضة بانهاء حكم صالح الممتد منذ 33 عاما.
وقال طبيب إن شخصين قتلا وأصيب ستة في أعمال العنف.
وفر الكثير من السكان من منازلهم صباح الخميس مع تصاعد القتال الذي أنهى هدوءا استمر ثلاثة أيام في العاصمة بعد أن أمر صالح بوقف اطلاق النار عقب عودته المفاجئة من السعودية يوم الجمعة.
وقال عبد الله وهو بائع بوظة (ايس كريم) "لم أعد الى الشوارع الا منذ يومين بعدما توقفت الاشتباكات لكنني سأبقى اليوم في جنوبي صنعاء لانه أكثر أمنا... تعبنا من هذه الازمة ونخسر أعمالنا في حين لا تتعب هذه القبائل وجنود الرئيس من القتال."
وأعقبت الهدنة قتالا استمر أكثر من اسبوع وأودى بحياة اكثر من 100 شخص مما أحيا مخاوف من انزلاق البلاد الي حرب اهلية.
وتخشى الولايات المتحدة والسعودية من أن تصب الفوضى في اليمن في مصلحة الجناح الاقليمي لتنظيم القاعدة ومقره اليمن مما يعرض المصالح الغربية في الخليج وممرات نقل النفط عبر البحر الاحمر للخطر.
وحتى قبل أن تشل الاحتجاجات اليمن كانت البلاد تحارب جناح القاعدة وحركة انفصالية في الجنوب وتمرد الحوثيين في الشمال.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود انها اضطرت الى تعليق كل نشاطاتها في محافظة صعدة الشمالية يوم الاثنين بعدما فرضت السلطات شروطا جديدة على المنظمات الانسانية التي تعمل في المحافظة.
وأضافت أن الشروط التي تشمل منع أفراد طواقم العمل الاجانب من الاشراف على العمليات "ستؤثر بشدة" في قدرتها على ضمان كفاءة وفعالية عملها. وقالت في بيان "ليس لدينا خيار سوى تعليق نشاطاتنا."
وظل صالح حتى الاسبوع الماضي يعالج في الرياض بعد محاولة اغتيال تعرض لها في يونيو حزيران. ومارس دبلوماسيون غربيون ضغوطا عليه ليبقى في السعودية حتى يدفعوا باتجاه توقيع اتفاق لنقل السلطة يهدف الى نزع فتيل الازمة في اليمن.
وصمد صالح في وجه احتجاجات خرجت في أنحاء اليمن بعد الثورتين التونسية والمصرية.
وتخلى عن الرئيس اليمني حلفاء سابقون له مثل الاحمر واللواء علي محسن الذي انضم الى صفوف المعارضة في مارس اذار. وقسم الصراع صنعاء الى منطقتي نفوذ تتحاربان.
واشتبك يوم الخميس أنصار الاحمر مع قوات الامن الحكومية التابعة للحرس الجمهوري الذي يقوده ابن صالح. ولم يتضح كيف بدأت الاشتباكات.
وخلال فترة الهدوء حاول سياسيون ودبلوماسيون جاهدين احياء خطة توسطت فيها دول خليجية وتنص على أن يترك صالح السلطة. وشعرت الدول الخليجية والقوى الغربية بالغضب مع رفض صالح المتكرر في اللحظة الاخيرة التوقيع على اتفاق لتسليم السلطة.
واستخدمت في المعارك الاسلحة الرشاشة في مرحلة اولى ثم سمعت اصوات انفجارات قذائف .
وفي صنعاء ايضا، اكدت مصادر امنية سقوط قذيفة صباح اليوم الخميس في فناء معهد الميثاق التابع للحزب الحاكم وسط المدينة، ما اسفر عن اصابة شخصين بجروح.
الى ذلك، انطلق عشرات الالاف في تظاهرة من ساحة التغيير التي يعتصم فيها المناوئون للرئيس اليمني منذ اشهر، باتجاه دوار العصر الذي يبعد حوالى ثلاثة كيلومترات وينتشر فيه مناصرون للرئيس، وذلك وسط اجراءات امنية مشددة.
وعاد المتظاهرون الى ساحة التغيير دون تسجيل اي اشتباكات وكانوا يرددون شعارات مناهضة للرئيس اليمني واخرى رافضة للحرب الاهلية مثل "سلمية سلمية لا للحرب الاهلية".
من جهة اخرى، قتل مدني واصيب خمسة آخرون بجروح في قصف عشوائي طال احياء من مدينة تعز جنوب صنعاء ليل الاربعاء الخميس بحسب مصادر محلية وطبية.
واكد سكان وشهود عيان لوكالة فرانس برس ان تعز، وهي من اكبر المدن اليمنية ومن المعاقل الرئيسية لحركة الاحتجاج، شهدت قصفا عشوائيا من موقع تابعة للحرس الجمهوري والقوات الموالية لصالح.
واكدت مصادر طبية سقوط قتيل مدني وخمسة جرحى في القصف العشوائي.
وذكر سكان ومصادر محلية لوكالة فرانس برس ان قوات الامن اعتقلت عددا من الناشطين خصوصا في حي الجحملية وحوض الاشراف ووادي المدان، وهي احياء في تعز.
وتاتي هذه التطورات غداة تحذير نائب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من دخول اليمن في حرب اهلية اذا ما انفجر الوضع الامني في البلاد.
وقال هادي خلال استقباله سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ودول الاتحاد الاوروبي ومجلس التعاون الخليجي ان التصعيد الامني الذي يشهده اليمن حاليا مع استمرار المواجهات لاسيما في منطقة شمال صنعاء، "يشكل تهديدا مباشرا للوضع بشكل عام".
واضاف في تصريحاته التي نقلتها وكالة الانباء اليمنية الرسمية، "اذا انفجر الوضع تنتهي المبادرة (الخليجية لحل الازمة) والحلول السلمية ويدخل اليمن بذلك مرحلة خطورة الحرب الأهلية".
وذكرت الوكالة ان لقاء نائب الرئيس مع السفراء هو لتدشين "عملية تؤدي الى التوافق على الآلية التي توصل الى التوقيع على المبادرة الخليجية" من اجل انتقال سلمي للسلطة في اليمن.