القدس - "سكايز"
يشهد الكنيست الاسرائيلي الحالي والذي يتميز بأغلبية يمينية، ويمينية المتطرفة، ازدياداً كبيراً في عدد اقتراحات القوانين العنصرية المطروحة أمامه، إذ وضُع على طاولته حوالى 21 اقتراحاً، كما ورد في التقرير السنوي الرابع لمركز "مساواة - لحقوق العرب في اسرائيل" الذي رصد الانتهاكات العنصرية من جوانب متعددة وعُرض في اليوم العالمي لمكافحة العنصرية. ويشير التقرير الى ارتفاع نسبة تقديم اقتراحات قانونية عنصرية على طاولة الكنيست بمعدّل 75%.
ويبيّن التقرير زيادة في اقتراحات القوانين العنصرية عن العام 2007 الذي قدم فيه 11 قانوناً، والعام 2008 الذي قُدّم خلاله 12 قانوناً، ولكن العام 2009 شهد قفزة كبيرة في عدد اقتراحات القوانين العنصرية والمجحفة المقترحة تجاه العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً.
وينظر مركز "مساواة" الى الأمر بقلق بالغ، ويقدر أن هذه القوانين ستأخذ طريقها إلى الازدياد في شكل كبير، ويطالب في الوقت عينه اللجنة الوزارية للشؤون القانونية بأن تنشط ضد مقدمي هذه الاقتراحات. ويعرض التقرير بعض الاقتراحات البارزة التي وضعت على طاولة الكنيست خلال السنة الأخيرة.
وجاء في إحدى فقرات التقرير، التي حملت عنوان "21 قانوناً تمييزياً وعنصرياً" ما حرفيته: "يعجّ الكنيست الثامن عشر بمنتخبي جمهور يعملون علناً على ضرب حقوق الجماهير العربية، من خلال مشاريع قانون تمييزية وعنصرية وتصريحات تحريضية، وتضع المواطنين العرب في خانة التهديد الديموغرافي والأمني. وشهد العام الماضي ارتفاعاً في طرح مشاريع قوانين تمييزية وعنصرية نسبته 75% ، معظمها يرمي إلى تقويض مكانة المواطن العربي والانتقاص من حقوقه، ويهدّد شرعية مواطنته بلا كلل".
ومن الاقتراحات العنصرية المقترحة نورد الآتي:
- الحكم الفعلي بالسجن لمدة سنة لمن يقوم بنفي قيام دولة اسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية (اقتراح عضو الكنيست زبولون اورلف من حزب "البيت اليهودي").
- مساهمة الدولة بالأقساط التعليمية في المؤسسات الأكاديمية لمن يخدمون في الجيش كمحاربين (اقتراح عضو الكنيست روبرت طبايب "اسرائيل بيتنا" وعضو الكنيست "أرييه ألداد "الاتحاد الوطني").
- تصحيح في قانون القدس الذي يحدد أن القدس هي عاصمة الشعب اليهودي (اقتراح عضو الكنيست زبولون اورلف "البيت اليهودي" وعضو الكنيست أرييه ألداد "الاتحاد الوطني").
- التصحيح في قانون المواطنة والذي يمكّن وزير الداخلية من سحب جنسية شخص ارتكب عملاً فيه انتهاك للولاء للدولة. قدم الاقتراح كل من عضو الكنيست دافيد أزولاي وابراهام ميخائيلي من حزب "شاس".
- قانون شروط القبول للسكن في البلدات الجماهيرية، والذي يتجاوز قرار المحكمة العليا في قضية قعدان، حيث سمحت المحكمة العليا لعائلة قعدان بالسكن في هذه البلدات. قدم الاقتراح عضو الكنيست يسرائيل حسون "كاديما".
- "قانون الولاء" لعضو الكنيست دافيد روتم "اسرائيل بيتنا". وهو اقتراح تصحيح لقانون المواطنة، والذي يشترط قبول المواطنة بإعلان الولاء للدولة. وقد سقط هذا القانون في اللجنة الوزارية للتشريع.
- قانون النكبة، والذي يمكن من خلاله إلغاء التمويل الحكومي للمؤسسات التي تعمل "ضد مبادئ الدولة"، قدم الاقتراح عضو الكنيست ألكس ميلر "اسرائيل بيتنا" وقد مر القانون في مرحلة القراءة الاولى بعد إجراء بعض التعديلات عليه.
وفي تقرير أعدّه مركز "مدى الكرمل للدراسات التطبيقية" تطرق في قسم منه حمل عنوان "القانون في خدمة العنصرية والعداء للعرب" إلى قانون النكبة، وجاء فيه ما حرفيته: "ضمن سياسة محو الذاكرة الجمعية للفلسطينيين وتشويهها قُدّم للكنيست مشروع قانون النكبة المعدل، والذي يهدف إلى منع الفلسطينيين في الداخل من إحياء هذه الذكرى.
وينص القانون الجديد على فرض عقوبات ميزانية واقتصادية واسعة على المؤسسات والاحزاب التي تشارك في إحياء النكبة. حيث يسمح القانون الجديد للدولة بإلغاء تمويل معظم المؤسّسات العربيّة السياسيّة والجماهيريّة والعامة، نحو الأحزاب العربيّة، السلطات المحلّـيّة، المدارس، النوادي ومنظّمات الشبيبة التي اعتادت حتّى الآن المشاركة في إحياء النكبة. هذا النوع من العقاب يُفرّغ عمليًّاً هذه المؤسّسات من مضمونها، وهو ضربة قاضية للقيم الديمقراطيّة وحرّيّة التعبير".
ويضيف التقرير: "كما قدّم عضو الكنيست ميخائيل بن آري (من حزب "هئيحود هليئومي" (الاتّحاد القوميّ)، والذي كان في السابق عضوًا في حركة "كاخ" اقتراحَ قانون لتغيير تعريف "منظّمة إرهابيّة". يرمي هذا الاقتراح إلى توسيع دائرة التعريف القانونيّ لـِ "منظّمة إرهابيّة"، بحيث يشمل التعريفُ الجديدُ الحركةَ الإسلاميّة وحزب التجمع. ويقترح بن آري أن تضاف إلى التعريف القائم كذلك عبارة "حركات أو أحزاب تشجّع الإرهاب، أو تؤيّد الكفاح المسلّح ضدّ دولة إسرائيل، أو تحاول الاعتداء على السيادة الإسرائيليّة في جبل الهيكل".
المصادقة على هذا القانون تمنح الحكومة العديد من الوسائل للإعلان عن أحزاب عربية أنها "تنظيمات إرهابية" وإخراجها خارج القانون".
وفي حديث إلى مراسلة "سكايز"، أوضح الكاتب أنطوان شلحـت (باحث ومحلل سياسي من عكا) هذه الظاهرة قائلاً: "إن عملية تواتر طرح القوانين العنصرية في الكنيست الإسرائيلي الحالي تأتي في إطار حملة أوسع هي تضييق الخناق على الفلسطينيين في مناطق 1948 ومحاصرة وجودهم والانتقاص من مواطنتهم وحقوقهم وحرياتهم. وفي واقع الأمر فإن هذه العملية هي تصعيد لحملات قديمة جدًا، لم تنجح حتى الآن في تحقيق غاياتها كلها بسبب وقوف المواطنين الفلسطينيين لها بالمرصاد، مثلما لم تنجح بشكل عام عملية محو عروبة فلسطين أو طمس تاريخها العربي والإسلامي. وطوال الوقت فإن السلطة الإسرائيلية تعيد الكرّة وبأساليب مختلفة. والعملية الحالية تبدو في ظاهرها عملية قانونية، لكنها في الجوهر سياسية صرف، وهي لا تنطلي على السكان الفلسطينيين وقواهم السياسية والأهلية".
وتابع: "ومن ناحية التوقيت فإن هذه العملية ترتبط بأمرين
أولاً، تفاقـم سياسة العداء لحقوق المواطنين الفلسطينيين في الدولة العبرية، والتي تأخذ في الآونة الأخيرة مناحي فكرية وقانونية شديدة الخطورة، في ظل اشتداد التطرّف اليميني في إسرائيل وتشكيل حكومة تعتبر الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ الحكومات الإسرائيلية.
ثانيًا، تصعيد الحملة الإسرائيلية على وعي السكان الفلسطينيين في الداخل ولا سيما جراء تصدّيهم للممارسات العنصرية من طرف الحكومة ولمخططات التهويد الشرسة، خاصة في القدس المحتلة".
وختم بالقول: "يقف في رأس أهداف هذه العملية، أسرلة الجيل الشاب من أجل تشديد محاصرة الوجود العربي والهوية الفلسطينية، ولا يخفى أيضاً ما تضمره هذه العملية، في المحصلة العامة، من مصادرة لحقوق المواطنة المنقوصة أصلاً".