اتهامات للاكراد بمحاولة تحويل سوريا لعراق ثانية وانفتاح حكومي لحل مشاكل مكتومي القيد

تاريخ النشر: 19 مارس 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

تفاعلت قضية "انتفاضة" اكراد سوريا على اكثر من صعيد فقد اثارت مخاوف المواطنين السوريين من مغبة تحويل سوريا الى عراق ثانية فيما دعا آخرون الى التسامح اتجاه الاكراد واكدت الحكومة على انفتاحها لحل مشاكل الاكراد خاصة من يطلق عليهم "المكتومين". 

العرب يتهمون الاكراد بمحاولة تحويل سوريا لعراق ثانية 

اتهم عرب سوريون بعض الاكراد بمحاولة اعطاء الولايات المتحدة حجة للتدخل في سوريا مثلما فعلت في العراق. 

وأبدى عرب في شوارع بعض المدن السورية غضبهم واحباطهم بسبب العنف في شمال البلاد حديثا وقالوا يوم الجمعة انهم يعتقدون ان الاكراد يحاولون اثارة المشاكل. 

وادانوا أيضا تصريحات لبعض السياسيين الأكراد تطلب إقامة دولة. 

وقال جمال الذي يعمل في مخبز في مدينة حلب الشمالية التي شهدت مصادمات دامية بين الأكراد والشرطة هذا الاسبوع، لوكالة رويترز": "إنهم يحاولون جر البلاد الى حرب مع الاميركيين بعدما أطاحوا بصدام حسين". 

واضاف ان الاكراد يحاولون تصوير الحكومة السورية "كما لو كانت صداما آخر... لا أعتقد انهم يلقون معاملة سيئة. انهم مثل أي احد منا يعيش هنا". 

وقال ناشطون في مجال حقوق الانسان ان أحداث الشغب أساءت استخدام حق التظاهر السلمي. 

وقال النشط عمار قربي ان بعض الناس الذين كانوا يشاركون في حملات لتحسين احوال الاكراد شعروا بالخذلان. 

واضاف قربي لرويترز "نحن كمعارضة نشعر كأن الاكراد خدعونا. انهم يقولون شيئا لنا عن الوحدة الوطنية وان سوريا وطن للجميع لكن نراهم بعد ذلك يتصرفون بأسلوب مختلف". 

وقال "في البداية اعتدت ان الوم السلطات لانها تعاملت مع الوضع بأسلوب خاطيء... لكن الاكراد لم يكن ينبغي ان يسمحوا للوضع بالوصول إلى هذه المرحلة". 

وذكر قربي ان أحداث العنف أعطت الولايات المتحدة حجة "للتدخل في بلدنا". 

وقال ابو سالم وهو عربي في السبعين من العمر "هل يريدون دولة؟ يمكنهم ان يأخذوا هذا…" واشار بيده اشارة مسيئة.  

واضاف "كنت موظفا مدنيا على مدى 40 سنة ولم أسأل أي أحد مطلقا عما إذا كان كرديا". 

دعوات للتسامح مع الاكراد 

في المقابل، فقد ظهرت دعوات للتسامح تجاه الاكراد عبر عنها امام جامع في دمشق في خطبة الجمعة حيث دعا الى عدم التحامل على الاكراد وتعميم صفة "المشاغبين" عليهم بعد الاضطرابات الاخيرة التي جرت في شمال سوريا بين العرب والاكراد متهما جهات خارجية لم يسمها بافتعالها.  

وقال الشيخ صلاح الدين كفتارو امام جامع ابو النور "حصل ما حصل في شمال سوريا. وهذه ظاهرة غريبة يجب ان لا تعمم وان لا ينظر الى الاكراد على انهم مشاغبون".  

وعلى عادته ام الشيخ كفتارو صلاة الجمعة في حي ركن الدين، احد الاحياء القليلة في دمشق التي تقيم فيها اقلية كردية، مذكرا بان الاكراد يتحدرون من صلاح الدين الايوبي محرر بلاد الشام من الصليبيين.  

وقال "هم مواطنون اشراف ولدوا من رحم قدم للامة العربية الكثير من رحم صلاح الدين الايوبي محرر بلادنا من الفرنجة".  

واضاف "لن نسمح باي حال من الاحوال بالقول عربا او كردا فكلنا سوريون".  

واعتبر كفتارو ما جرى "ظاهرة مستغربة شاذة في سوريا التي تنعم باستقرار منذ عقود" متسائلا عن توقيتها "في هذا الزمن الصعب الذي تتعرض فيه الى ضغوط ومؤامرات".  

وقال متوجها الى كل شرائح المجتمع "نحن معرضون لمؤامرة كبيرة ومخطط يريد النيل منا من الداخل بعد ان فشلت مكائد الخارج مثل قانون محاسبة سوريا واتهامها بتشجيع الارهاب"الذين قامت بها الولايات المتحدة.  

واضاف "طالما كانت سوريا مثالا للحمة الوطنية وستبقى مثالا لوحدة وطنية عنوانها التسامح (...) فنحن مجتمع متعدد الاطياف من مسلمين ومسيحيين وعرب واكراد".  

الاكراد يطالبون بوقف القمع 

من ناحيتهم حمل الاكراد مسؤولية الاحداث للحكومة وطالبوا بانصافهم وقال رشيد شعبان من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا قال "نحن أبناء هذا البلد." واضاف ان السياسات الحكومية "الظالمة" جعلت بعض الاكراد يشعرون بالمرارة. 

واضاف "هناك بعض الناس في هذه الدولة لا يقرأون الحقائق على نحو صحيح. العالم يتغير والمنطقة تتغير ولهذا يجب ان تتغير الدولة السورية. يجب ان يقبلوا حقوق الآخرين... لكن على الاقل فنحن كأكراد نريد ان نكون على قدم المساواة على الاقل". 

وتحدث سلام علو وهو كردي في حلب عن مشاعر اغلب الاكراد فيما يبدو حين قال انه يريد مزيدا من الحقوق وليس دولة منفصلة. 

واضاف "سوريا ارضنا ووطننا لكن السلطات لا تستمع لنا او للآخرين". 

ودعت الأحزاب الكردية في سوريا إلى الهدوء ووقف "القمع" الذي يتعرض له "أبناء الشعب الكردي". 

جاء ذلك في بيان أكدت فيه الأحزاب أنها حثت على "وقف المظاهرات والاعتصام" لتهدئة الأوضاع "رغم الأعمال الاستفزازية التي قامت بها" ولا تزال تقوم بها بعض الجماعات المسلحة التابعة لحزب البعث الحاكم في سوريا. 

وأضاف البيان "إن القيادة أكدت ضرورة" اللقاء بالرئيس السوري بشار الأسد. وأكد على الأخوة التي تربط الأكراد بالعرب وناشدت "القوى الوطنية والديمقراطية في البلاد" للاحتجاج على القمع والقتل الذي تعرض له أبناء الشعب الكردي كما طالبت بإطلاق جميع المعتقلين على خلفية الحوادث الأخيرة. 

انفتاح حكومي لحل مشاكل الأكراد 

وقد أعلن وزير الداخلية السوري علي حمود امس أن حصيلة الصدامات بلغت 25 قتيلا وأضرار مادية تقدر بملايين الدولارات.  

وهذه اول حصيلة رسمية لهذه الاضطرابات. 

واتهم وزير الداخلية "عناصر مدسوسة" باستغلال أحداث ملعب القامشلي للقيام بـ "أعمال تخريب مقصودة" في شوارع المدينة شملت ممتلكات عامة وخاصة ولم تستثن مؤسسات خدمية وتنموية. 

وأضاف حمود أن السلطات أوقفت عددا من الأشخاص عقب الأحداث وحققت معهم، مشيرا إلى أن قوات الأمن لجأت "للشدة والحزم" بعد فشلها في تهدئة الأوضاع.  

وأوضح أن الشعب السوري يستنكر مثل هذه الأعمال ويتمتع بدرجة عالية من الوطنية لا سيما الأكراد "الذين يشكلون جزءا عزيزا" من سوريا. 

واكد وزير الداخلية السوري ان بلاده "منفتحة انفتاحاً تاماً" للبحث في موضوع منح الجنسية لعدد "من المهاجرين" الأكراد الذين جاؤوا الى الاراضي السورية من العراق وتركيا وهم من يطلق عليهم لقب "المكتومين" او مكتومي الجنسية على غرار "البدون" في الكويت وبعض دول الخليج. 

وشدد الوزير السوري على عدم وجود مشكلة كردية في سورية "تستدعي تدخلاً خارجياً, سواء كانت اميركا او غيرها", وعلى ان "اللحمة الوطنية هي الرد على مثل هذه الطروحات". 

وأعلن حمود في مؤتمر صحافي امس "عودة الهدوء والامن" الى عدد من مدن وقرى شمال شرقي سورية وشمال مدينة حلب قرب الحدود السورية - التركية  

وقال حمود وفقا لصحيفة "الحياة" ان عناصر الشرطة حاولت في البداية "التعامل بالحسنى" مع الفوضى والتخريب لممتلكات عامة وخاصة واعتداء على اشخاص ابرياء, لكن "عناصر مدسوسة قابلت ذلك بالعنف, فلم يكن هناك سوى الحزم والشدة".  

واشار المسؤول السوري الى ان ما حصل في الايام الاخيرة "يتناقض مع الوحدة الوطنية المتجذرة", محذراً من وجود "محاولات لزرع الفتنة وتمزيق اللحمة الوطنية من خلال استغلال هذه الحوادث للاضرار بالمصالح العليا للوطن والوحدة الوطنية (لكن) المواطنين السوريين عرباً وكرداً يمتلكون الوعي للحيلولة دون الوقوع في هذا الفخ", مشدداً على ان "الاكراد لا يشكلون اقلية مضطهدة في سورية بل هم جزء من المجتمع المتماسك". 

وردا على سؤال لصحيفة "الحياة" عن وجود توجه رسمي للبحث في موضوع مكتومي القيد غير الحاصلين على الجنسية السورية من الاكراد, فأجاب: "في كل دول العالم هناك بعض الناس المهاجرين لم يحصلوا على الجنسية. سورية منفتحة على هذا الموضوع انفتاحاً تاماً وتدرس الاشكالات كافة سواء بالنسبة الى الجنسية او التعامل مع هذا الموضوع في شكل كامل". 

ويتحدث اكراد عن وجود نحو 275 الفاً لا يحملون الجنسية السورية, بينهم 75 الفاً "مكتومو القيد" والباقون "محرومو الجنسية" بعد احصاء العام 1962. وليست هناك ارقام رسمية علنية وان كان بعض المصادر يشير الى ان عددهم يراوح بين 120 و150 الفاً.  

ونقلت الصحيفة عن من وصفتهم بـ خبراء سوريين قولهم ان "معظم محرومي الجنسية جاؤوا من الاراضي التركية وان عدداً كبيراً منهم ليس سورياً وهرب من الاضطهاد الذي كانت تمارسه السلطات التركية" في بداية القرن الماضي بعد حركات الشيخ سعيد نقشبندي العام 1925 والشيخ رضا العام 1933 والجنرال احسان باشا العام 1936. 

ونفى وزير الداخلية السورية ان تكون الجنسية "سحبت من أي شخص" في سورية. وقال ان الاراضي في الجزيرة شمال شرقي البلاد "مملوكة من العرب والاكراد, ولا احد يستطيع سلب (أي شخص) ارضه ابداً". 

وسئل الوزير السوري عن تصريحات مسؤولين اكراد عراقيين تؤكد استعدادهم لمساعدة اكراد سورية, فأجاب: "ليست هناك مشكلة كردية في سورية. اكراد سورية ليسوا في حاجة الى حماية احد. سورية تحميهم وليس الآخرين", رافضاً الخوض في عدد الاكراد السوريين او الحديث عن غالبية لهم في مدينة سورية. وقال: "لم نفكر قبل هذا اليوم من هو الاكثر ام الاقل على قاعدة ليس هناك فرق بين عربي او كردي". 

وعن التصريحات الاميركية التي دعت سورية الى التعامل السلمي مع الاقليات, قال حمود: "نسمع تصريحات من بعض الجهات, لكن ليست هناك مشكلة تستدعي تدخلاً خارجياً سواء كانت اميركا او غيرها. اللحمة الوطنية هي الرد على مثل هذه الطروحات"—(البوابة)—(مصادر متعددة)