طالب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت حكومة الوحدة الفلسطينية التي تمخض عنها اتفاق فتح وحماس في مكة، الالتزام بكافة شروط اللجنة الرباعية، وفي مقدمتها الاعتراف بالدولة العبرية، فيما بدأ الفلسطينيون تحركا واسعا لتسويق هذا الاتفاق.
واعلن اولمرت في اجتماع الحكومة الاسرائيلية الاحد ان اسرائيل "لا ترفض ولا توافق على الاتفاق" مضيفا "اننا نطالب بالتطبيق الكامل لشروط اللجنة الرباعية".
ونقلت صحيفة "هارتس" في وقت سابق الاحد، عن مصادر في الحكومة الاسرائيلية قولها ان اسرائيل ترفض هذا الاتفاق، وستصر على المطالب الثلاثة للجنة الرباعية وهي: الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقات الموقعة.
وكانت اللجنة الرباعية للوساطة في الشرق الاوسط والمؤلفة من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة قد اصرت على هذه المطالب، واشترطت تلبيتها قبل رفع حظر فرضته على السلطة الفلسطينية اثر تولي حركة حماس لقيادة حكومتها.
وينتظر ان تشكل هذه المطالب محور المحادثات المرتقبة بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزيرة الخارجية الاميركي كوندوليزا رايس الاثنين المقبل.
وقالت المصادر الحكومية الاسرائيلية ان الجدل بشأن قبول الحكومة الفلسطينية الجديدة مطالب الرباعية تلقي بظلال كثيفة على لقاء اولمرت وعباس ورايس.
وبما ان الحكومة الفلسطينية الجديدة لن تتشكل قبل الاثنين المقبل، فان اتفاق مكة لن يعيق عقد هذا اللقاء. ومع ذلك، ترى المصادر الحكومية الاسرائيلية ان أي تقدم في عملية السلام مشروط بوفاء الحكومة الفلسطينية بمطالب الرباعية.
وكان احمد يوسف، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية اعلن السبت ان حكومة الوحدة المرتقبة التي ستتشكل وفقا لاتفاق مكة لن تعترف باسرائيل.
وأضاف ان حكومة الوحدة التي توقع أن يكشف هنية النقاب عنها خلال عشرة أيام سوف "تحترم" اتفاقات السلام الفلسطينية السابقة مع اسرائيل الا أنها لن تكون ملتزمة بها ولا بالاعتراف باسرائيل.
واعتبر مسؤول حكومي اسرائيلي السبت ان هذه الحكومة ستخلق مشكلات جديدة. وحسب قوله، فانه "حتى الان كان هناك فارق واضح بين عباس وحكومة حماس وكان مريحا لنا ان نتحادث ونحرز تقدما مع احد الطرفين. ودخول فتح الحكومة ينسف ذلك الفارق. وسيبرز السؤال حول ما اذا كان تحويل اموال الى حكومة يتولى سلام فياض حقيبة المالية فيها".
ويحظى فياض بقبول كبير في الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وسعت اسرائيل على مدى الايام الماضية الى الحيلولة دون سقوط أي من مطالب الرباعية في ظل اتفاق مكة.
وكر بيان لوزراء خارجية الدول الاعضاء في اللجنة مطالبها الجمعة من اجل استئناف المساعدات ورفع الحصار عن الفلسطينيين لكنها امتنعت عن اصدار تقييم بشأن ما اذا كانت الحكومة الجديدة تفي بالشروط.
ومع ذلك، رحبت روسيا بالاتفاق ودعت الى رفع الحظر على المساعدات المباشرة للحكومة الفلسطينية. وقالت فرنسا انه يتعين على المجتمع الدولي تأييد الحكومة الجديدة الا أن بعض الشركاء في الاتحاد الاوروبي كانوا أكثر تحفظا.
ومن المقرر ان تجتمع اللجنة الرباعية في برلين مجددا خلال عشرة ايام، أي بعد نحو يومين من اللقاء المرتقب بين اولمرت وعباس ورايس، وذلك بهدف بحث التطورات على هذا الصعيد.
وقال مصدر حكومي اسرائيلي بارز ان بيان الرباعية اوضح ان على الفسلطينيين تبني وقبول الشروط الثلاثة.
واوضح المصدر انه "في ختام اجتماع مكة، لم يصدر الفلسطينيون بيانا بشأن هذه الشروط. النشاطات الارهابية ضد اسرائيل مستمرة، بما في ذلك (صواريخ) القسام وتهريب الاسلحة الى غزة. والجندي (الاسرائيلي) المختطف غلعاد شاليط لم يطلق سراحه بعد".
ومن جانبها، اجرت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني التي شاركت في مؤتمر دولي للامن في ميونخ، محادثات لمرتين عبر الهاتف مع نظيرتها الاميركية بشأن هذه المسألة.
واعتبرت ليفني ان على المجتمع الدولي الاصرار على شروطه.
ومن المقرر ان تبحث الحكومة الاسرائيلية خلال اجتماعها الاسبوعي اليوم الاحد تفاعلات اتفاق مكة الى جانب استماعها الى تقييم اجهزة الاستخبارات لهذا الاتفاق.
جهود للتسويق
وفي مقابل التحركات الاسرائيلية، اطلق الفلسطينيون تحركات دبلوماسية تهدف الى تسويق اتفاق مكة.
وفي هذا الإطار وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القاهرة مساء السبت قادما من جدة على رأس وفد في زيارة لمصر تستغرق يومين يلتقي خلالها بالرئيس المصري حسني مبارك لاطلاعه على الاتفاق.
وقال نبيل عمرو مستشار الرئيس الفلسطيني في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأردنية إن محمود عباس سيلتقي في عمان العاهل الأردني عبد الله الثاني لبحث أحدث التطورات، كما سيلتقي هناك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف عمرو أنه سيتوجه مبعوثا من الرئيس الفلسطيني إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للقاء منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا وتسليمه نص الاتفاق وشرح ما يرمي إليه الفلسطينيون من خلاله بالإضافة إلى لقاء وزيرة خارجية ألمانيا التي ترأس الاتحاد الأوروبي فضلا عن لقاء وزير خارجية النرويج.
من جانب آخر أكد عمرو أن "الرئيس عباس سيشرع فور عودته إلى الوطن في معالجة قضية التشكيل الحكومي"، مشيرا إلى أنه "لا يوجد ما يبرر التعطيل أو التأخير".
ويعول الفلسطينيون على الاتفاق في وقف الاقتتال الداخلي الذي نجم عن صراع حركتي حماس وفتح على السلطة وخلف نحو 90 قتيلا، فضلا عن رفع الحصار الدولي.
اجراءات التشكيل
في غضون ذلك، أكد رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة أحمد بحر االسبت، أن المجلس "جاهز" للشروع في الاجراءات الدستورية والقانونية الخاصة بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وأفاد في تصريحات لإذاعة صوت القدس المحلية "نحن نبارك ذلك الاتفاق.. وبعيد تشكيل حكومة الوحدة يقوم أبو العبد (إسماعيل هنية) بإلقاء خطاب أمام المجلس ثم تمنح الثقة للحكومة وتصبح بذلك قانونية وتباشر مهامها".
تزامنا مع ذلك، قال الناطق باسم حركة فتح أحمد عبد الرحمن إنه من المبكر للغاية الحديث عن تسمية وزراء الحركة في الحكومة الجديدة، موضحا "من المبكر الحديث عن وزراء فتح في الحكومة الجديدة خاصة قبل عودة الرئيس محمود عباس إلى الاراضي الفلسطينية"، مشيرا إلى أنه سيكون هناك عدد من اللقاءات للجنة المركزية للحركة والمجلس الثوري من أجل عرض الاسماء.
على صعيد متصل، أفادت مصادر فلسطينية مطلعة امس، أن القيادي البارز في حركة فتح محمد دحلان أبلغ الرئيس محمود عباس اعتذاره عن تولي منصب نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية المقبلة.
وأوضحت المصادر أن دحلان اعتذر عن منصب نائب رئيس الوزراء "لاسباب تتعلق بانشغاله في ترتيب الوضع الداخلي في حركة فتح"، وأنه رشح بدلا منه شخصية مستقلة مقربة من فتح وتعرف بميولها الإسلامية.
—(البوابة)—(مصادر متعددة)