اعتذر الرئيس الصربي بوريس تاديتش الخميس عن مجزرة فوكوفار التي وقعت في بلدة اوفكارا الكرواتية التي شهدت اسوأ اعمال العنف في الحرب التي استمرت من 1991-1995، في لفتة مصالحة تاريخية بين البلدين.
ووجه تاديتش تحية لذكرى حوالى 200 مدني واسير حرب كرواتي قتلوا على ايدي القوات الصربية بعد الاستيلاء على المدينة في تشرين الثاني/نوفمبر 1991.
وقال تاديتش للصحافيين "انا موجود هنا لتحية الضحايا ولاقول كلمات اعتذار واسف".
واضاف تاديتش "ان الاعتراف بالجرائم والاعتذار عنها والاسف لها يجعلنا نخلق امكانيات للصفح والمصالحة".
وزار تاديتش فوكوفار برفقة نظيره الكرواتي ايفو يوسيبوفيتش لتكريم ضحايا النزاع في حفل خاص بعد 19 عما من بدء الحصار الذي استمر ثلاثة اشهر وقتل خلاله المئات.
وقال تاديتش خلال اول زيارة يقوم بها رئيس صربي الى فوكوفار منذ النزاع الذي استمر اربع سنوات وقتل خلاله نحو 20 الف شخص "لقد جئت الى هنا لاخلق فرصة لكرواتيا وصربيا لطي صفحة الماضي حتى لا يتحمل اطفالنا عبء تاريخ التسعينات".
واعتبر الرئيس الكرواتي ايفو يوسيبوفيتش من جهته ان مجيئه برفقة تاديتش الى اوفكارا يثبت ان اعتماد "سياسة مختلفة، سياسة سلام وصداقة وارد".
واضاف يوسيبوفيتش "لقد جئنا لتقديم تحية للضحايا وتعازينا لافراد عائلات .. لكن ايضا لكي نقدم وعدا بان جريمة لن تبقى بدون عقاب (...) ارغب في ان يشكل هذا الحدث تشجيعا لتوضيح مصير اشخاص اعتبروا في عداد المفقودين".
وادى اعلان كرواتيا لاستقلالها عن يوغسلافيا السابقة عام 1999 الى اشعال حرب استمرت اربع سنوات مع متمردين صرب عارضوا تلك الخطوة.
وخلال الحرب قدم نظام بلغراد الدعم السياسي والعسكري للمتمردين.
وفيما اشاد البعض في فوكوفار بالزيارة، الا انها اغضبت الكثيرين الذي اعتبروها مناورة سياسية.
ووقف عشرات المحتجين على جانبي الطريق المؤدية الى نصب الضحايا الواقع على مشارف بلدة اوفكارا حيث القى تاديتش كلمته، وحملوا لافتات كتب عليها "لا يمكنك ان تغسل دمائنا"، و "اسف ولكن لا ندم".
وذاع اسم فوكوفار بعد ان شهدت احدى اسوأ المجازر في النزاع حيث لجأ نحو 200 شخص الى مستشفى البلدة املا في ان يتم اخلاءهم بوجود مراقبين دوليين، الا ان القوات الصربية اقتادتهم الى مزرعة خنازير في اوفكارا وقتلتهم رميا بالرصاص.
ودانت محكمة الجزاء الدولية الخاصة بوغوسلافيا السابقة والتي مقرها لاهاي ضابطين صربيين سابقين في الجيش اليوغسلافي الذي كانت تسيطر عليه بلغراد بتهمة الضلوع في المجزرة.
وفي صربيا نفسها ادين 14 شخصا اخرين من ضباط الجيش والبرلمانيين السابقين بتهمة الضلوع في عمليات القتل.
وفي موقع الضريح تجمع عشرات من اقارب الضحايا يحملون الشموع ويتلون الصلوات قبل وصول الرئيسين.
وصرحت فيلما فيبوفيتش التي لا تزال تبحث عن ثلاثة مفقودين من عائلتها "اعتبر وصول الرئيس تاديتش عمل عنف لاننا لا نزال نبحث عن مفقودينا، ولكن الطريقة الوحيدة للرد على العنف هي الصلاة".
واعتبر اكثر من الف شخص في عداد المفقودين من الجانب الكرواتي خلال الحرب بينهم اكثر من 460 شخصا من سكان فوكوفار وضواحيها.
وسيتوجه تاديتش ويوسيبوفيتش كذلك الى قرية بولين دفور المجارة حيث قتلت القوات الكروانية 18 شخصا صربيا واخر متحدر من المجر في كانون الاول/ديسمبر 1991.
وسيلتقي تاديتش كذلك بعائلات اشخاص كرواتيين لا زالوا في عداد المفقودين منذ الحرب وكذلك مع ممثل عن الجالية الصربية.
وعقب سقوط فوكوفار وتدميرها تدميرا كاملا، جرى طرد نحو 22 الف من غير الصرب. وبعد الحرب وضعت البلدة والمنطقة التي تقع فيها تحت ادارة الامم المتحدة واعيد دمجها في كرواتيا عام 1998.
وتحسنت العلاقات بين كرواتيا وصربيا تدريجيا منذ الحرب. وتسارعت العملية بشكل كبير في ظل حكم تاديتش ويوسيبوفيتش حيث يسعى الاثنان الى انضمام بلديهما الى الاتحاد الاوروبي ويدعوان الى المصالحة في المنطقة.