عشرة قيم إسلامية تحقق النهضة الاقتصادية

تاريخ النشر: 20 سبتمبر 2011 - 07:46 GMT
من خلال رصد الدراسة للقيم المحققة للتقدم، تطرقت إلى قيمة العمل التي تعد من أهم القيم، بالاضافة الى قيم المحافظة على المال، وزيادة الإنتاج، وضبط الاستهلاك، مؤكدة إنها مجموعة من القيم يربى المسلم عليها، وينشأ على أنها جزء من سلوكه
من خلال رصد الدراسة للقيم المحققة للتقدم، تطرقت إلى قيمة العمل التي تعد من أهم القيم، بالاضافة الى قيم المحافظة على المال، وزيادة الإنتاج، وضبط الاستهلاك، مؤكدة إنها مجموعة من القيم يربى المسلم عليها، وينشأ على أنها جزء من سلوكه

حددت دراسة اقتصادية أعدها د.يوسف إبراهيم مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي التابع لجامعة الأزهر «10» قيم إسلامية تعمل على تقوية الميدان الاقتصادي، وتغطى مختلف مراحل البناء فيه.

وصنفت الدراسة التي تحمل عنوان « القيم الإسلامية ودورها في تحقيق التنمية الاقتصادية» هذه القيم إلى ثلاث مجموعات: الأولى قيم ممهدة للتقدم، والثانية قيم محققة للتقدم، والثالثة قيم دافعة لاستمرارية التقدم.

وأكدت الدراسة أن تحقيق التنمية، والتخلص من وهدة التخلف الاقتصادي، الذي يلف بعباءته الكثير من شعوب العالم الثالث، والذي يمثل العالم الإسلامي جانباً كبيراً منه، يحتاج إلى تمهيد التربة، وجعلها صالحة لغرس بذور التنمية. وأوضحت الدراسة أن أولى القيم الإسلامية الممهدة للتقدم تتمثل في قيمة الخلافة عن الله تعالى حيث إن من أعمق العقائد، وأثبت القيم، التي يغرسها منهج التربية الإسلامي في نفوس الناشئة، مفهومه عن الحياة، ودور الإنسان فيها، والذي يتلخص في الخلافة في هذه الأرض عن مالك الأرض، ومضمون هذه الخلافة، تنفيذ إرادة المستخلِف، وإرادته سبحانه، قضت ـ كما بين القرآن الكريم ـ أن يقوم الخليفة بعمارة الأرض، وأن يحقق بهذه العمارة عبوديته لله تعالى، فيعبده بكل حركة من حركاته، وبكل سكنة من سكناته. وأكدت الدراسة أن هذه القيمة، تمثل أكبر محرك يمكن أن يدفع قوى التقدم إلى الأمام، إذ توفر لها أرضية صلبة لانطلاق طاقة الإنسان، مشيرة إلى أن مفهوم الخلافة حقق دوره في هذه الدنيا، يوم أن انفعلت به الأمة الإسلامية، فلما تخلت عنه، أصابها ما أصابها، حيث بنيت الحضارة الإسلامية على أسس دينية، وضعف هذا الأساس اليوم، قاد إلى ضعف البناء الثقافي في المجتمع.

ولفتت الدراسة إلى قيمة لزوم الجماعة باعتبارها من القيم الممهدة للتقدم حيث دعا الإسلام إلى الالتزام بقيمة لزوم الجماعة، وعدم شق عصا الطاعة، مادام دستور الإسلام مطبقاً ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس أحد يفارق الجماعة شبراً، فيموت إلا مات ميتة جاهلية». وأشارت الدراسة إلى أن توفر هذه القيمة شرطاً لا قيام للتنمية بدونه، فبناء التنمية لا يعلو إلا في ظل الاستقرار، وسيادة الأمن والنظام، وطالما أن الجميع مكلفون بلزوم الجماعة، والانطواء تحت لوائها، في ظل دستور إلهي، لا يخضع لأهواء حاكم، ولا يفصل على هوى جماعة، فإن الاستقرار السياسي سيكون جزءاً لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية للمجتمع الإسلامي، ولقد أجهض عدم توفر هذا الشرط معظم محاولات التنمية الاقتصادية في العالم الثالث ولاسيما في عالمنا الإسلامي.

وشددت الدراسة على أهمية قيمة المحافظة على الوقت باعتبارها ثالث القيم الممهدة للتقدم، مؤكدة أنه ليس هناك إنسان يقدر الوقت، كما هو المسلم، لأنه يدرك أنه مسؤول عن كل لحظة من حياته فيم أنفقها؟ أفي مصلحته ومصلحة المجتمع، أم في العبث والفساد؟ ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟ وعن ماله من أين أكتسبه، وفيم أنفقه».

وأكدت الدراسة أن طاقات المجتمع ليست إلا أوقات أفراده، فإن حافظ المجتمع على الوقت، وصانه من الضياع، تحقق له التقدم بغير شك. أما قيمة العدل الاجتماعي فهي تضمن ـ بحسب الدراسة ـ مشاركة الجميع في جهود البناء والتعمير، وتجعل الإنتاج مستخدماً في سد الأهم فالأهم من الحاجات، وبغير مشاركة الجميع في الجهود الإنمائية، وبغير المحافظة على عوائد التنمية في مراحلها الأولى، لن تكون الطريق أمام جهود التقدم ممهدة. واعتبرت الدراسة قيمة الشورى من أهم القيم الممهدة للتقدم مؤكدة أن الشورى هي أهم مقومات المنهج الإسلامي، فالحكم الذي تعيش الأمة في كنفه، وخطط التنمية التي تُطبقها، ونظام التعليم الذي يتلقاه أبناؤنا، وطريقة اتخاذ القرار في كل مؤسسة من مؤسساتها، إلى غير ذلك من الأمور، يجب أن يتم بالشورى بين جماهير الأمة، مشيرة إلى أن الشورى كفيلة بضمان مشاركة وتفاعل كل المواطنين مع قضايا التنمية. ورصدت الدراسة القيم المحققة للتقدم مؤكدة أن توفر هذه القيم يمثل قياماً فعلياً بجهود إنمائية، وولوجاً حقيقياً لميدان التقدم الاقتصادي.

واعتبرت الدراسة قيمة العمل من أهم القيم المحققة للتقدم، وهي القيمة التي يحرص المنهج الإسلامي على غرسها في النفوس، من خلال تقديس العمل، واحترامه، والارتقاء به إلى درجة العبادة، التي ليس فوقها درجة في الإسلام، فهي التي من أجلها خلقت الحياة، فما خلق الإنسان إلا ليعمل، والرسول صلى الله عليه وسلم، وهو الصورة المطبقة للإسلام، المقتدى بها «ما رؤي فارغاً في أهله قط، إما يخصف نعله، أو يخيط ثوبه، أو ثوباً لمسكين». وذكرت الدراسة أن الإسلام لا يعرف سناً، يتقاعد المرء عن العمل إذا بلغها، بل يربى المسلم على أن يكون منتجاً طالما هو على قيد الحياة، ومادام يملك القدرة على العمل، فهو مسؤول: «عن عمره فيم أفناه» ولن يستطيع الاعتذار بأنه تجاوز الستين أو السبعين، بل إن قيام الساعة لا ينبغي أن يحول بينه، وبين إتمام عمل شرع فيه. «إذا قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة، فاستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها» وقد لخصت ذلك الحكمة الإسلامية، التي يظنها الناس لفرط صدقها، من كلام المعصوم «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً».

وأشارت الدراسة إلى أن قيمة العمل في الإسلام تعلو عندما يجعله الله تعالى، معياراً للتفاضل بين الناس، وليست أية قيمة أخرى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة بنت محمد اعملي، لا أغنى عنك من الله شيئاً». كما يقول: «يا بنى هاشم، لا يأتيني الناس بالأعمال، وتأتون بنسبكم إلى رسول الله يوم القيامة». ويقول عمر بن الخطاب «لو جاءت الأعاجم بالأعمال، فهم أولى برسول الله منا».

وخلال رصدها للقيم المحققة للتقدم تطرقت الدراسة إلى قيم المحافظة على المال، وزيادة الإنتاج، وضبط الاستهلاك، مؤكدة إنها مجموعة من القيم يربى المسلم عليها، وينشأ على أنها جزء من سلوكه، فالمال في تربيته قوام الحياة، وإصلاحه إصلاح لها، وإضاعته صفة لا تقل في أثرها السلبي عن تفرق كلمة الأمة، وانفراط عقدها ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من وَّلاه الله عليكم، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال».

وفيما يتعلق بالقيم الدافعة لاستمرارية التقدم أكدت الدراسة أن أهم هذه القيم يدور حول قضيتين: القضية الأولى: العلم وطلبه والغاية منه.. والقضية الثانية: علاقة الإنسان بالكون والحياة. وبخصوص القضية الأولى «العلم وطلبه والغاية منه» أكدت الدراسة أن المنهج الإسلامي في ذلك، يبدأ فيغرس في نفس المسلم، النهم للعلم، ويعلمه أن يعيش حياته طالباً له، مستزيداً منه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد» ويقول أيضاً: «اطلبوا العلم ولو في الصين»، مشيرة إلى أن المنهج الإسلامي يرى في العلم طريقاً يسار عليه مدى الحياة، وليس نهاية يوصل إليها.