أشاد وفد من مجلس النواب الاميركي يوم الاثنين بأول انتخابات رئاسية تعددية تشهدها مصر قائلا ان غياب مراقبين مستقلين لن ينال من عملية التصويت. فيما شكك تحالف المعارضة الذي يقوده الاخوان المسلمون في شرعية حكم الرئيس حسني مبارك
وقال النائب الجمهوري توم ديفيز من ولاية فيرجينيا بعد لقاء مبارك في القاهرة "هنأنا الرئيس (مبارك) وجميع من يشاركون في هذه الانتخابات التاريخية الاولى في مصر. لا أستطيع أن أخبرك بمدى أهمية ذلك ليس فقط في مصر بل في العالم بأسره فيما يتعلق بالتوجه نحو الديمقراطية." وأضاف ديفيز الذي يرأس وفدا من عشرة نواب ان مبارك أخبره بأنه لا يمانع في وجود المراقبين ولكنه قال أيضا انه لا يملك أي نفوذ على لجنة الانتخابات الرئاسية التي تضع الضوابط من أجل العملية الانتخابية. وعندما سئل عن غياب المراقبين المستقلين أجاب ديفيز "الناس سيكونون هناك وسيصوت (أفراد من) الصحافة. سيكونون مراقبين من هذا المنطلق. ولكني لا أظن أن هذا سينال من الانتخابات في هذه المرحلة." وكانت لجنة الانتخابات الرئاسية قد رفضت يوم السبت حكما صدر عن محكمة القضاء الاداري يلزم السماح لمراقبين مستقلين بدخول لجان الانتخابات. وتقول اللجنة ان قضاة وممثلين عن المرشحين العشرة يمكنهم الدخول.
وقال ديفيز "عليك أن تحترم العملية (الانتخابية) في هذا الوقت. يحدث أحيانا في الولايات أن تجد السياسيين يريدون شيئا بينما المحاكم أو هيئات القانون تفعل شيئا اخر." وانتقدت منظمات للدفاع عن حقوق الانسان تشكيل لجنة الانتخابات الرئاسية التي يرون أنها تفتقر الى الاستقلالية. وتضم اللجنة خمسة قضاة معينين من قبل الدولة وخمس شخصيات عامة اختارها البرلمان الذي يهيمن عليه الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. وبموجب قانون الانتخابات فان قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية نهائية ولا يمكن الطعن عليها
وفي شباط /فبراير الماضي اقترح الرئيس حسني مبارك الذي يتوقع على نطاق واسع أن يفوز في انتخابات السابع من الشهر الجاري اجراء انتخابات رئاسية يتنافس فيها أكثر من مرشح في تعديل دستوري يحل محل نظام الاستفتاء الذي يختار خلاله مجلس الشعب الذي يهيمن عليه أعضاء الحزب الوطني الحاكم مرشحا واحدا يجري التصويت عليه في استفتاء. جاء اعلان مبارك وسط دعوات أميركية متزايدة باجراء اصلاحات في الشرق الاوسط. وتقول مصر التي تتلقى معونات أميركية كبيرة أنها لم تخضع لهذه الضغوط. وانتقدت منظمات معنية بشؤون حقوق الانسان سير العملية الانتخابية بما في ذلك حظر المراقبين المستقلين من دخول اللجان الانتخابية وفرض قيود على المرشحين المستقلين وانحياز وسائل الاعلام المملوكة للدولة لمبارك. وحثت واشنطن مصر من قبل على السماح بمراقبين أجانب لكن مصر قالت انها لا ترى ما يدعو لذلك وتعهدت بأن يكون السباق الانتخابي نزيها.
على صعيد متصل شكك تحالف سياسي مصري يقوده الاخوان المسلمون الاثنين في شرعية حكم الرئيس حسني مبارك قبل يومين من اجراء أول انتخابات رئاسة تعددية في تاريخ البلاد الطويل يتوقع على نطاق واسع أن يفوز فيها الرئيس المصري.
وقال بيان وزعه التحالف الوطني من أجل الاصلاح والتغيير في مؤتمر صحفي "لقد ارتكب النظام الحاكم كل ما يؤدي الى فقدانه لشرعيته وسبب وجوده وانتفى أي احتمال لان ينبع الاصلاح المنشود في مصر وصولا لرفعة البلاد وعزة الامة العربية من داخل النظام."
وأرجع التحالف شكوكه في شرعية الحكم الى "التعديل الدستوري المفرغ من أي مضمون اصلاحي حقيقي للمادة 76 من الدستور وفي بطلان الاستفتاء الذي أجري في 25 مايو (ايار) الماضي."
ويخوض الانتخابات الى جانب مبارك (77 عاما) تسعة مرشحين أبرزهم أيمن نور رئيس حزب الغد وهو محام شاب ونعمان جمعة (71 عاما) رئيس حزب الوفد وهو أستاذ جامعي. وكان مبارك اقترح في فبراير شباط الماضي تعديل الدستور بما يسمح بالتنافس على منصب رئيس الدولة وأقر مجلس الشعب (البرلمان) تعديلا في مايو ايار الماضي وافق عليه الناخبون في استفتاء.
وقال معارضون ان التعديل غير دستوري لانه أخل بقاعدة المساواة بين المواطنين حين اشترط حصول أي مستقل يرغب في الترشيح على تأييد 250 من أعضاء مجالس الشعب والشورى والمحافظات التي يهيمن عليها الحزب الوطني الديمقراطي وأعفى القياديين في الاحزاب من الحصول على أي تأييد من تلك المجالس. والى جانب الاخوان المسلمين يضم التحالف الوطني من أجل الاصلاح والتغيير الذي شكل هذا العام حزب العمل المجمد بقرار من لجنة شؤون الاحزاب السياسية لخلاف بين قياداته على الزعامة وحركة "الاشتراكيون الثوريون" ونشطاء في مجال حقوق الانسان.
وتوقع محمد حبيب الامين العام للتحالف ونائب المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين تزويرا واسعا في الانتخابات الرئاسية. وقال للصحفيين ردا على سؤال حول مدى الاشراف القضائي الذي يتوقعه في لجان الاقتراع "سوف يكون منقوصا وسوف تجري عملية تزوير كبرى ونحن ننتظر ثم نرى ما الذي يمكن أن يصل اليه الموقف بعد ذلك." وأضاف "نحن نتابع الموقف دقيقة بدقيقة ويوما بيوم وسوف يكون لكل حادث حديث." وسئل عن عواقب التزوير الذي يتوقعه فقال "العواقب شديدة. أولا هز المشروعية الخاصة بهذا المنصب الخطير. وسوف تثار حوله شبهات كثيرة وهذا يعرض أمن الوطن وسلامته واستقراره (للخطر و) يعرض الوطن لضغوط خارجية. يعرض الوطن لفتن وفوضى داخلية."
وأضاف "من ثم نحن حريصون على أن يمكن السادة القضاة من... صدور قانون استقلال السلطة القضائية... وتمكينهم من الاشراف الكامل والحقيقي على الانتخابات."
وفي العطلة الصيفية لمجلس الشعب بامكان مبارك اصدار قوانين بقرارات رئاسية.وطالب الرئيس الاميركي جورج بوش مصر بقبول مراقبة دولية على الانتخابات لكن الحكومة رفضت السماح بدخول مراقبين أجانب. وقال حبيب ردا على سؤال عن الضغوط الخارجية على مصر "الشعب الذي لا يستطيع أن يحقق بسواعده اصلاحا لا يستحق الحياة. واذا لم تأت عملية الاصلاح عن طريق الشعب فلا نريدها من مكان اخر لان الذي يمنحها قادر على أن يمنعها أو يسحبها في الوقت الذي يريد." وقالت الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" يوم الاحد انها لن تعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية. وقالت ان الانتخابات منزوعة الشرعية بسبب صيغة التعديل الدستوري وتقرير نادي القضاة عن الاستفتاء. وناشدت الحركة "القوى الوطنية الديمقراطية" زيادة الضغط من أجل تحقيق الاصلاح السياسي في مصر. وقال بيان التحالف الوطني من أجل الاصلاح والتغيير "بات لزاما أن ينشأ تحالف وطني عريض يضم كل القوى الوطنية المناهضة لحكم الاستبداد والفساد القائم ويتسامى على تراث التنافر والتناحر الذي غذاه النظام الحاكم طويلا لاضعاف المعارضة."
وخلال حملته الانتخابية وعد مبارك الذي يحكم مصر منذ نحو 24 عاما باصلاحات سياسية اذا فاز بفترة ولاية خامسة مدتها ست سنوات. لكن معارضين يقولون ان الشروط التي تضمنها التعديل الدستوري للترشيح لمنصب رئيس الدولة تجعل من المستبعد حدوث اصلاح حقيقي.